آدم عليه السلام لم يخرج من الجنة إلا بالتأويل، وإلا فإن آدم لم يقصد المعصية والمخالفة، ولم يقصد أن يكون ظالماً مستحقاً للشقاء، لكن إبليس خدعه، كما أخبر الله عنه بقوله:{وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ}[الأعراف:٢١] فآدم عليه السلام كان من طهارة وبراءة قلبه وسلامة نيته لا يتصور أبداً أن مخلوقاً من خلق الله يحلف بالله كاذباً، وهذا يدل على براءة آدم من تعمد المعصية.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: الصواب أن آدم عليه السلام لما قاسمه عدو الله -أي: حلف له أنه ناصح- وأكد كلامه بأنواع من التأكيدات: أحدها: القسم: (وقاسمهما).
والثاني: الإتيان بجملة اسمية لا فعلية: (إني لكما لمن الناصحين).
والثالث: تصديرها بأداة التأكيد.
الرابع: الإتيان بلام التأكيد في الخبر.
الخامس: الإتيان به اسم فاعل لا فعلاً دالاً على الحدث.
السادس: تقديم المعمول على العامل فيه.
ولم يظن آدم أن أحداً يحلف بالله كاذباً يميناً غموساً؛ فظن صدقه، وأنه إن أكل منها لم يخرج من الجنة، ورأى أن الأكل وإن كان فيه مفسدة فمصلحة الخلود أرجح، ولعله يتأتى له استدراك مفسدة المعصية بعد ذلك باعتذار أو توبة.