للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر قول من حمل قوله: (يوم يكشف عن ساق) على الدنيا والآخرة]

وقوله: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ} [القلم:٤٢].

يقول القاسمي رحمه الله تعالى: هذا وقد ذهب أبو مسلم الأصفهاني إلى أن الآية وعيد دنيوي للمشركين لا أخروي؛ قال: إنه لا يمكن حمله على يوم القيامة؛ لأنه تعالى قال في وصف هذا اليوم: ((وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ))، ويوم القيامة ليس فيه تعبد ولا تكليف، فكيف يدعون إلى السجود؟ بل المراد منه إما آخر أيام الرجل في دنياه، كقوله تعالى: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا} [الفرقان:٢٢] فيرى الناس يدعون إلى الصلاة إذا حضرت أوقاتها وهو لا يستطيع الصلاة؛ لأنه الوقت الذي لا ينفع نفساً إيمانها ((يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ)) فتشتد به الشدة ((وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ))؛ لأنهم في حالة الاحتضار.

وإما أنها في حال الهرم والمرض والعجز أي: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ} للشيخوخة والعجز، وقد كانوا قبل ذلك يدعون إلى السجود وهم سالمون مما بهم الآن، فهو إما من الشدة النازلة بهم من هول ما عاينوا عند الموت، وإما من العجز والهرم.

والذين دافعوا عن هذا التأويل بأن هذا وعيد في الدنيا وليس في الآخرة، إنما هو بحجة أنه كيف يدعون إلى السجود والآخرة ليست بدار تكليف وإنما هي دار جزاء؟! قال الرازي: واعلم أنه لا نزاع في أنه يمكن حمل اللفظ على ما قاله أبو مسلم.

فأما قوله: إنه لا يمكن حمله على القيامة بسبب أن الأمر بالسجود حاصل هاهنا، والتكاليف زائلة يوم القيامة، فجوابه: أن ذلك لا يكون على سبيل التكليف، بل على سبيل التقريع والتخجيل، فلم قلتم: إن ذلك غير جائز؟!