قوله:((إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا)) يعني: غائراً ذاهباً في الأرض لا تناله الدلاء، والدلاء جمع دلو، وهو الذي يستقى به الماء.
قوله:((فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ)) أي: من سوى الله سبحانه وتعالى يأتيكم بماء معين جار ظاهر سهل التناول تراه العيون؟ قال الرازي: المقصود تقريرهم ببعض نعمه تعالى؛ ليريهم قبح ما هم عليه من الكفر.
أي: أخبروني إن صار ماؤكم ذاهباًَ في الأرض فمن يأتيكم بماء معين؟ فلابد أن يقولوا: هو الله؛ ولذلك من الأدب عند تلاوة هذه الآية أن يقول الإنسان: الله رب العالمين، أي: الله هو الذي يأتينا بهذا الماء إن حصل هذا الغوران.
وقد روي أن بعض الناس سمع هذه الآية:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} فقال: تأتينا به المعاول والفئوس؛ فغارت عيناه والعياذ بالله! إذاً: إذا سئلوا: ((فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ))؟ لابد أن يقولوا: هو الله سبحانه وتعالى، فيقال لهم حينئذ: فلم تجعلون من لا يقدر على شيء أصلاً شريكاً له في العبودية؟! وهذا كقوله تعالى:{أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ}[الواقعة:٦٨ - ٦٩] أي: بل هو أنزله وسلكه ينابيع رحمة بالعباد، فلله الحمد والمنة.