((وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ))، أي: بإهلاكه فلم يبق له فيها ثمرة، وأصله من أحاط به العدو؛ لأنه إذا أحاط به فقد ملكه واستولى عليه، ثم استعمل في كل إهلاك، ومنها قوله تعالى:{إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ}[يوسف:٦٦]، ومثله قوله: أتى عليه: إذا أهلكه، وأصلها: أتى عليه العدو إذا جاءه مستعلياً عليه.
وشبه إهلاك جنتين بما فيهما بإهلاك قوم بجيش عدو أحاط بهم وأوقع بهم بحيث لم ينج منهم أحد.
((فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا))، أي: فعير هو نفسه أكثر من تعييره صاحبه وتعيير صاحبه إياه، فعاد بالحسرة والتلوم والتندم، ومن شدة حسرته ظل يقلب كفيه على ما أنفق فيها.
قال الزمخشري: تقليب الكفين كناية عن الندم والتحسر، لأن النادم يقلب كفيه ظهراً لبطن، كما كني عن ذلك بعضّ الكف، وكذلك سقوط اليد {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ}[الأعراف:١٤٩]، ولأنه في معنى الندم عدي بتعديته بعلى، أي:((فأصبح يقلب كفيه)) ندماً ((على ما أنفق فيها))، كأنه قيل: أصبح يندم على ما أنفق فيها وفي عمارتها، فيكون ظرفاً لغواً ويجوز كونه ظرفاً مستقراً.
والمقصود أنه كان متحسراً، والتحسر هو الحزن، وهو أخص من الندم؛ لأنه الغم على ما فات.
((وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا)) أي: ساقطة عليها، والعروش: جمع عرش وهو ما يبنى ليوضع عليه شيء، فإذا سقط سقط ما عليه، يعني: أن كرومها المعروشة سقطت عن الأرض، وسقطت ومن فوقها كروم العنب بحيث قاربت أن تصير -صعيداً زلقاً- تراباً أملس.
((وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا))، يعني: من الأوثان، وذلك أنه تذكر موعظة أخيه؛ فعلم أنه أتي من جهة شركه وطغيانه، فتمنى لو لم يكن مشركاً حتى لا يهلك الله بستانه.
((وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ))، لم تكن له منعة وقوم، ((يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ)) أي: يقدرون على نصرته من دون الله كما افتخر بهم واستعز على صاحبه، كان يقول: أنا ذو الحسب والنسب، وأنا صاحب الحشم والخدم، {أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا}[الكهف:٣٤] فما نفعه أحد من هؤلاء النفر، ولم تعد له فئة بعد ما كان يبطر ينصرونه من دون الله ((وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا)) يعني: ما كان ممتنعاً بنفسه وقوته عن انتقام الله عز وجل.