[تفسير قوله تعالى:(أولئك الذين طبع الله على قلوبهم)]
قال تبارك وتعالى:((أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ))، أولئك إشارة إلى المذكورين من المنافقين، وقلنا: إنهم منافقون؛ لأن الذين كانوا يحضرون مجلس النبي عليه الصلاة والسلام كانوا من المنافقين، وكانوا لا يجترئون على مواجهته بما يكره، والمنافقون -كما تعلمون- ظهر أمرهم في المدينة ولم يكونوا في مكة، وهذه السورة مدنية، فكانوا يحضرون ويمارسون جميع تعاليم الإسلام الظاهرة، ويتواجدون في مجامع ومجالس النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإذا خرجوا من عنده طفحت قلوبهم، وفاضت ألسنتهم بما في قلوبهم من النفاق، كما سيأتي في قوله تعالى:{وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ}[محمد:٣٠].
(أولئك الذين طبع الله على قلوبهم)(أولئك) أي: المذكورون من المنافقين، (الذين طبع الله على قلوبهم) فلم يؤمنوا، ولا توجهت قلوبهم إلى شيء من الخير، (واتبعوا أهواءهم) أي: في الكفر والعناد.
قال ابن جرير رحمه الله تعالى: وسوى جل ثناؤه بين صفة هؤلاء المنافقين وبين المشركين في أنهم جميعاً إنما يتبعون أهواءهم، فيما هم عليه من فراقهم دين الله الذي ابتعث به محمداً صلى الله عليه وآله وسلم، فقال الله عز وجل في هؤلاء المنافقين:(أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم).
وقال في أهل الكفر به من أهل الشرك:(كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم)؟ وقال القاسمي:(واتبعوا أهواءهم) أي: آراءهم لا ما يدعو إليه البرهان، ولفظ (الهوى) عامة في القرآن مذموم، فالهوى لا يأتي في القرآن إلا مذموماً.
وقال ابن كثير:(واتبعوا أهواءهم) أي: فلا فهم صحيح، ولا قصد صحيح.