{وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} أي: لا يضيعون لها ميقاتاً ولا حداً، قيل: الحفظ عن الضياع.
ولم يقل: يحفظون الصلاة.
إنما قال:(يحافظون) فهذه الصيغة التي مصدرها (المفاعلة) تقتضي أن هناك تفاعلاً بين المصلي والصلاة، فأنت تحفظ الصلاة والصلاة تُردَّ لك بأن تحفظك، كما في قول الله تعالى:{قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ}[التوبة:١٢٣]، فالقتال يقتضي حصول الأمر من الطرفين بخلاف القتل.
فالمقصود أنهم يتمون صلاتهم بأركانها وهيئاتها.
ونلاحظ أن الصلاة ذكرت مرتين مع أن الصفات متغايرة وفي غاية الدقة، لكن بدأ بالصلاة وختم بها، كما فعل عز وجل في سورة المؤمنون حيث قال:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ}[المؤمنون:١ - ٢]، ثم ذكر الصفات الآخرى إلى أن ختم بقوله:{وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ}[المؤمنون:٩].
ولذا قال القاضي: هذا التكرار بالنسبة للصلاة ووصفهم بها أولاً وآخراً لاعتبارين: للدلالة على فضلها، وإنافتها على غيرها، فهي أعلى من غيرها من العبادات، فلا شك أن الصلاة أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين.