[تفسير قوله تعالى: (وفرش مرفوعة ثلة من الأولين وثلة من الآخرين)]
قال تعالى: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ * إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا * لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ * ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ} [الواقعة:٣٤ - ٤٠].
{وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} أي: مرتفعة في منازلها، أو: فرش مرفوعة على الأرائك للرقود والمضاجعة، وقد يؤيده تأكده بوصف من يضاجع فيها، وهو قوله تعالى: {إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً} إشارة إلى الحور العين.
فهي إما فرش مرفوعة أي: الفرش نفسها مرتفعة في منازلها، أو الفرش مرفوعة فوق الأرائك، وهي تلقى من أجل الرقود عليها.
{إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً} أي: إنشاء بديعاً فائق الوصف.
فالضمير يعود على ما فهم من السياق؛ لأن الحور لم يسبق ذكرهن في السياق القريب، وإنما فهم من السياق أن المقصود بهن الحور العين.
وقيل: قد يكنى عن الحور بالفرش، فقوله تعالى: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} قد يكون استعملت فيه الكناية عن الحور بالفرش.
فقوله تبارك وتعالى: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} إذا كان معناه: مرفوعة على الأرائك كآية: {هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ} [يس:٥٦] فليس فيه كناية.
وقوله تعالى: {فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا} يعني: لم يُطمثن.
((عُرُبًا)) جمع عروب، والعروب: هي المتحببة إلى زوجها المحبوبة لتبعلها.
((أَتْرَابًا)) يعني: على سن واحدة.
والترب: هو الموافق لك في السن.
{لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ} يعني: أنشأناهن إنشاء لأصحاب اليمين، وجعلناهن أبكاراً لأصحاب اليمين.
{ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ} [الواقعة:٣٩ - ٤٠] أي: جماعة وأمة من المتقدمين في الإيمان وممن جاء بعدهم من التابعين لهم بإحسان من هذه الأمة، والكثرة ظاهرة لأصحاب اليمين في أواخرهم دون السابقين كما بينا أولاً عند الكلام في تفسير قوله تبارك وتعالى: {ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ} [الواقعة:١٣ - ١٤]، وذكرنا الخلاف في تفسير هذه الآية.