العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى عقد بحثاً متوسطاً حول قول الله تبارك وتعالى هنا:{وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ}[الواقعة:٤٧] * {أَوَ آبَاؤُنَا الأَوَّلُونَ}[الواقعة:٤٨] فقد أجمع عامة القراء على إثبات همزة الاستفهام في قوله تعالى: ((أَئِذَا مِتْنَا)).
وأثبتها أيضاً عامة السبعة غير نافع والكسائي في قوله:{أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ}[الواقعة:٤٧].
وقرأه نافع والكسائي:(إنا لمبعوثون).
وتعرض رحمه الله تعالى لنوع من الابتداع في القراءة، فقال: اعلم -وفقني الله وإياك- أن ما جرى في الأقطار الأفريقية من إبدال الأخيرة من هذه الهمزة المذكورة وأمثالها في القرآن هاء خالصة.
فبدل (أئنا) يقولون: (أهنا) بهاء خالصة، يقول: فهذا من أشنع المنكر وأعظم الباطل، وهو انتهاك لحرمة القرآن العظيم وتعد لحدود الله، ولا يعذر فيه إلا الجاهل الذي لا يدري، وإنما قلنا هذا لأن إبدال الهمزة فيما ذكر هاء خالصة لم يروه أحد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولم ينزل عليه به جبريل البتة، ولم يرو عن صحابي، ولم يقرأ به أحد من القراء، ولا يجوز بحال من الأحوال.
فالتجرؤ على الله بزيادة حرف في كتابه -وهو هذه الهاء التي لم ينزل بها الملك من السماء البتة- هو كما ترى.
وكون اللغة العربية قد سُمع فيها إبدال الهمزة هاء لا يسوغ التجرؤ على الله بإدخال حرف في كتابه لم يأذن بإدخاله الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم، ودعوى أن العمل جرى بالقراءة بالهاء لا يعول عليها؛ لأن جريان العمل بالباطل باطل، ولا أسوة في الباطل بإجماع المسلمين، وإنما الأسوة في الحق، والقراءة سنة متبعة مروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا لا خلاف فيه.