للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كفر المستهزئ بآيات الله]

هذه الآية دليل واضح جداً على كفر المستهزئ بآيات الله سبحانه وتعالى، والحقيقة أن هذا الاستهزاء له صور شتى خاصة في هذا الزمان، وأقبح أنواع الاستهزاء: حينما يصدر من مسلم أو من طالب علم، مثل استعمال آيات الله سبحانه وتعالى بصورة ليس فيها توقيف بل فيها شبه بهؤلاء المنافقين، ومن أمثلة ذلك: ما يفعله الفاسق المجرم حلاق السيدات حينما يعلق على المحل في الخارج قول الله: {وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ} [الحجر:١٦]، فهذا استهزاء بآيات الله سبحانه وتعالى، فقد حرم الله التبرج وأمر النساء بإخفاء الزينة، وأنت تعاند الله سبحانه وتعالى، وتفتح محلاً لفعل هذه الجرائم من تزيين النساء، ثم تستدل على ذلك بآيات أنزلت في الكواكب، أي استهزاء أكثر من هذا؟! أو خياط يعلق قوله تعالى: {وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} [الإسراء:١٢]، فهذا من سوء الأدب مع القرآن الكريم وآياته، فيجب تغييرهم لمثل هذه المنكرات، فهذا كفر! وبعض الناس يجلسون فيأكلون في حفل أو شيء من هذا، فيقول أحدهم: من يحكي لنا قصة سيدنا يوسف؟ ويقصد بذلك أن يشغلهم عن الأكل، فكيف تستعمل قصص القرآن في هذا العبث وهذا اللعب؟ فالصور في الحقيقة موجودة وكثيرة، وليعلم الجميع أن الاستهزاء والتنطع ليس مما يعذر فيه بالجهل، لماذا؟ لأنه لا يجهل أحد وجوب تعظيم الله، ولا وجوب تعظيم الأنبياء والملائكة والقرآن الكريم وغير ذلك، لولا لطف الله سبحانه وتعالى وحلمه لخسف بنا؛ عندما يأتي شخص مثل هذا المخلوق الوقح الذي يدعى نصر أبو زيد ويكتب كتاباً فيه سب لله، وسب للرسول عليه الصلاة والسلام، وطعن في القرآن الكريم، وتكذيب بآيات الله، وهو غاية في الإلحاد، ثم بعد ذلك نجد إخوانه من الملاحدة والمنافقين الذين نعرفهم في لحن القول من العلمانيين، أعداء الدين وأعداء الله ورسوله، يقولون: أين حرية الرأي؟ أين حرية العقيدة؟ ويدندنون حول الطعن في شرع الله سبحانه وتعالى بهذه الطريقة للدفاع عن أمثال هؤلاء الخائنين، ويكونون خصماء لهذا الخائن وهذا الزنديق المجرم، رجل يطعن في القرآن، ثم يدافع عنه! إذاً: ما الفرق بينه وبين سلمان رشدي؟! ما الفرق بين كتاب هذا الكافر سلمان رشدي: (آيات شيطانية)، وبين هذا الذي يسمي كتابه بحثاً؟! ما الأمر إلا أن بعض المغمورين يريد الشهرة، حتى ولو على طريقة إبليس، يشتهر بجرائم إبليس، وبالطعن في شرائع الله وفي الوحي! فنقول لهم: {فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ} [التوبة:٥٢]، فلولا لطف الله سبحانه وتعالى بنا لاندكت هذه الأرض من تحت أقدامنا، أيسب دين الله سبحانه وتعالى ويطعن في القرآن ثم يسمى هذا حرية فكر؟! هم لا يقولون: حرية فكر، هم يريدون حرية الكفر، وحرية الطعن في دين الله عز وجل، فما أحلم الله سبحانه وتعالى عن عباده! إذاً: هذا موضوع من الموضوعات التي تثور بين وقت وآخر، ويثيرها أعداء الله سبحانه وتعالى من اليهود والنصارى والغربيين للطعن في الإسلام، وهم لا يجرءون أحياناً على الطعن الصريح، لكن دائماً يحاولون أن يرسخوا في عقول الناس الخوف من تطبيق الشريعة الإسلامية، كما هو حاصل من حركة طالبان، الظاهر من أفعالهم أنها متوافقة مع الشرع في كثير من الأشياء، وظهرت الآن صيحة يريدون بها الطعن في الإسلام لكن بطريقة خفية، وذلك بإبراز أن الإسلام يظلم المرأة، وأمريكا منذ متى تعرف شيئاً اسمه حقوق الإنسان؟! أمريكا التي تستذل الأمم، وتسخر الشعوب، وتقهرها بقانون الغاب وبشريعة الغاب، ولا تتذكر ما تسميه بحقوق الإنسان إلا عندما تهدد مصالحها، أو لاستذلال الأمم.

أين كانت حقوق الإنسان في البوسنة والهرسك؟ أين هم من المذابح الرهيبة التي لم يشهد التاريخ لها مثيل؟ أين حقوق الإنسان في العراق وفي غير ذلك من بقاع المسلمين؟ وكأننا لسنا من بني الإنسان، بل نحن طائفة أخرى من البشر، ومع ذلك يتشدقون -بهذا الشعار فقط- لتحقيق مآربهم ومصالحهم، الآن هم أشد الناس غيرة على حقوق المرأة التي يظلمها الأفغان كما يزعمون بما يشيعونه من إشاعات كاذبة، ورغم ما صدر من تصريح رسمي بتكذيب هذه الإشاعات، لكنهم مصرون على تناقلها في وكالات الأنباء، مصرون أنهم سوف يمنعون تعلم الفتيات، وسوف يمنعون المرأة من العمل، ثم يخفون الحقائق، ورغم ما صدر من تصحيح لهذه المعلومات، وأنها إشاعات كاذبة، لكن الذي نتوقعه فعلاً -وإن لم توجد الآن وسيلة صحيحة لمعرفة المعلومات- أنهم يضعون ضوابط لهذه الأشياء، من قال: إن المرأة تحرم من التعليم؟! هناك ضوابط مثل عدم وجود اختلاط، فلابد من وضع ضوابط للمجتمع.

وحتى النساء الموجودات في وظائف غير مناسبة لهن من اختلاط بالرجال، أو فيها عمل محرم، تعاهدت حكومة طالبان بأنها ستصرف مرتبات لجميع النساء اللاتي سوف يقعدن عن العمل، بسبب عدم توافق عملهن مع الشرع! ومع ذلك لا يلتفتون لذكر هذه التوضيحات، وإنما اليوم أمريكا تقول: نحن لن نعترف بحكومة طالبان، حتى ننظر موقفهم من حقوق النساء، وهكذا كل بلد يفصلون لها على قدرها.

موضوع الختان الذي يثور الكلام فيه بمناسبة أو بدون مناسبة، كلها ثغرات يخرج منها الملاحدة، كما يقول تعالى: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد:٣٠]، هم يريدون أن يهتكوا ستر الهيبة لعلماء الإسلام، وهيبة نقد أحكام الشريعة، فباسم حقوق الإنسان، وباسم ظلم النساء يتكلمون في موضوع الختان والجرائم التي يذكرونها، مع أن الإسلام يحاربها أشد مما يحاربونها هم، لأن الختان الفرعوني المشهور والمعروف في السودان هو بلا شك جريمة وحشية، ولو كان هناك حكم إسلامي شرعي قائم لعزر الذين يمارسون هذا النوع من الختان بلا شك، وهذه قواعد بدهية.

لماذا بعض الشيوخ يركبون الموجة مع أعداء الدين، ويأتي أحدهم ويقول: أنا خبير في الحديث، وأنا من أعلم الناس بالحديث، أتحداكم أن تأتوني بحديث في هذه المسألة! وهل أنت أول رجل في الأمة يعرف الحديث؟ احترم الحديث وأطلق لحيتك، هذا الذي يزعم أنه غيور على سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، أما سمعت بأحاديث تأمر بإعفاء اللحية، الآن فقط تدندن وتغني في الزفة مع هؤلاء المنافقين والملاحدة! إن الأشياء التي يحاربها الإسلام يحاربها بأقوى مما يحاربونها هم، مثلاً التلوث في بعض العمليات الصغيرة، هذا خطأ تطبيقي يحصل في أي عملية جراحية من جاهل لا يعرف قواعد التعقيم والجراحة، حتى لو كان جرحاً بسيطاً جداً فسيلوثه ويؤذي المريض، فالإجراءات الوقائية في أي عملية جراحية موجودة في الشريعة، كذلك أخصائية أمراض النساء هي التي تحدد، هل هذه الفتاة تختن أم لا؟ لأنه أحياناً لا تختن، وأحياناً الطب نفسه -كما في المراجع الطبية- يحتم عملية الختان في بعض الأحوال، وإن كانت نادرة.

الشاهد: حتى من الناحية الشرعية هم يتكلمون على قضية بعيدة تماماً عن الواقع، لكنها فرصة لكل من في قلبه غل وحقد على الإسلام أن ينفث ويفرز هذه السموم، كما قال تعالى: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد:٣٠]، الأربعة عشر قرناً الماضية والمرأة تهزم، وهم الآن يريدون أن يحرروها؟ هم في الحقيقية لا يريدون تحرير المرأة، هم يخافون من مجتمع مثل مجتمع أفغانستان لو عاد إلى الشريعة الإسلامية، النساء حصل لهن صيانة داخل البيوت، ومع توفير التعليم بلا شك بوسائل متوافقة مع الشرع لا اختلاط فيها، ولا فحش ولا تبرج، فإذا كان المجتمع سيصير مجتمعاً نظيفاً، فبالتالي ستبور تجارة اليهود، ولن يستطيعوا استذلال مثل هذه الأمة بالشهوات؛ لأن معنى ذلك انتشار العفة، وضياع أقوى سلاح يستعملونه في تدمير المجتمعات الإسلامية وهو سلاح الشهوات، وستفوت عليهم أعلى وأهم مقاصدهم، فهذا هو السبب في الانزعاج، ليس خوفاً على المرأة، ولكن خوفاً من فوات المتاجرة بالمرأة، وستبور تجارتهم، ولن يسهل استذلال الشباب ولا استعبادهم كما يحصل الآن في مجتمعنا عن طريق هذه الأطباق، وعن طريق الفيديو والتلفزيون.

هذا الفساد إذلال للشعوب، وما مؤتمر السكان عنا ببعيد، فقد كانت مقاصدهم مفضوحة تماماً، وأنهم يريدون إشاعة الفواحش بكل أنواعها بلا استثناء؛ من أجل أن يستعبد الشباب بالشهوات، ولا ينصرفوا إلى بناء الأسرة، حتى أنهم وضعوا تعريفاً جديداً للأسرة: أن الأسرة قد تتكون من رجل ورجل، أو امرأة وامرأة، والأصل ألا يتدخل في شئون خصائص المرأة، لماذا؟ تسهيلاً للفواحش والفتن بين الناس.

فالشاهد: أن الطعن في الدين واللمز في أحكام الشريعة أحياناً يأتي بصورة ظاهرة، كما في حالة هذا الخبيث نصر أبو زيد خذله الله سبحانه وتعالى، وجعله آية وعبرة لمن يعتبر؛ لأنه في بلاد الكفار حيث أسياده يرحبون به، ونحن نشكر للقاضي الذي اتخذ منه هذا الموقف الرائع، وهذا يدل أنه ما زال يوجد في الأمة خير، فهذا القاضي حكم بردته -والآن ينبغي أن تطلق منه امرأته-، ولا شك أن هذا موقف حميد منه، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزيه عن دينه خيراً.

وقد يقتصر الطعن بتغليفه في صورة الدفاع عن المرأة، وأن الإسلام هو الذي ظلم المرأة! وهل حرر المرأة أحد إلا الإسلام؟ هؤلاء الجهلة في أوروبا إلى عهد قريب جداً مائة سنة أو أقل كان القانون الإنجليزي يبيح للرجل أن يبيع زوجته، وقدر لها سعر، وهذا كلام موجود وموثق عنهم في القرن السابع، وفي عهد الرسول عليه السلام عقدوا مجمعاً يناقشون فيه هل المرأة إنسان لها روح أم ليس لها روح؟ المرأة الآن في الغرب تعيش عصر استعباد وذل وهوان، المرأة الأوروبية والأمريكية غاية أحلامها أن تظفر بشاب مسلم يتزوجها، هذه أمنية عندهم، والإخوة الذين خرجوا في الخارج يعرفون هذا؛ لأنها تعرف التكريم الحقيقي، التكريم لها بنتاً، وزوجة، وأماً، وأختاً، بل ما هذا الذي يتكلمون عنه إلا من باب التشويش على الإسلام عن طريق الأبواق الناعقة التي نسأل الله تعالى أن يحفظ عقول أبناء المسلمين منها! قوله تبارك وتعالى هنا: ((لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِ