أي: أيها الجاهلون المصرون على جهالاتهم والجاحدون للبعث {لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ} وهو من أخبث شجر البادية في المرارة وبشاعة المنظر ونتن الريح، فما يرجى من الشجر والثمر هو إما حلاوة الطعم، وهذا فيه مرارة، وإما المنظر الجميل وهذا بشع المنظر، وإما الريح الطيبة وهذا نتن الريح، فهذا وصف شجر الزقوم.
وإذا قلنا: هو من أخبث شجر البادية فليس المقصود أن هذا هو الموجود في النار، فكما أنه ليس في الجنة مما في الدنيا إلا الأسماء كذلك -أيضاً- ليس في النار مما في الدنيا إلا الأسماء، فالنار فيها شجر الزقوم لكن شتان بين شجر الدنيا وشجر النار، فهذا مجرد اسم فقط، لكن في الحقيقة هناك تفاوت لا يعلم مداه إلا الله سبحانه وتعالى.
{فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ} أي: من ثمراتها الوبيئة البشعة المحرقة.
{فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ} الإنسان حين يأكل يستسيغ الأكل عن طريق الشراب، أما هؤلاء فإذا أكلوا من شجر الزقوم فوقفت في حلوقهم فإنهم يستسيغونها ويبتلعونها عن طريق الحميم، وهو الماء الذي انتهى حره وغليانه.
{فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} يعني الإبل التي بها الهيام، وهو داء لا ري معه لشدة الشغف والكلب فهو داء يصيب البهيمة فتظل تشرب وتشرب ولا ترتوي مهما شربت.