فمنها: في الباب السادس عشر من سفر التكوين في حق هاجر، هكذا:(وقال لها ملاك الرب: أنت حبلى ستلدين ابناً، وتدعين اسمه إسماعيل، لأن الرب قد سمع لمذلتك، وإنه يكون إنساناً وحشياً يده على كل واحد، ويد كل واحد عليه، وأمام جميع إخوته يسكن).
وهذه بشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم لا بجده إسماعيل؛ لأن إسماعيل عليه السلام لم تكن يده فوق يد الجميع، ولا كانت يد الجميع مبسوطة إليه بالخصوص، بل في التوراة: أن إسماعيل وأمه هاجر أخرجا من وطنهما مكرهين.
ولم يلد إسماعيل مع إسحاق، وكان الملك والنبوة في بني إسحاق، وكان بنو إسماعيل في البراري العطاش في الصحراء، ولم يسمع أن الأمم دانت لأولاد إسماعيل حتى بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فدانت له الملوك، وخضعت له الأمم، وعلت يده وأيدي بني إسماعيل على كل يد، وصارت يد كل أحد تحت أيديهم، فكان ذكر إسماعيل مقصوداً به ولده، كما أنه في مواضع كثيرة من التوراة ذكر يعقوب والمقصود بالذكر ولد يعقوب، فمن ذلك: قوله في السفر الخامس: (يا إسرائيل ألا تخشى الله ربك، وتسلك في سبيله وتعمل له)، وهذا الخطاب لإسرائيل، لكن هو في الحقيقة لبني إسرائيل، فهو خطاب لهم باسم أبيهم، كما قال تعالى:{يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}[الطلاق:١] فالخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمقصود هو وأمته، وهذا معروف، وله نظائر كثيرة في القرآن الكريم، فكذلك قوله لقوم موسى:(اسمع إسرائيل ثم احفظ، واعمل يحسن إليك ربك، وتكبر وتنعم)، ونظائره كثيرة.
إذاً: معروف في لغة كتابهم أنه يذكر اسم الأب ويراد الابن، وإنما يذكر مجازاً بقرينة الحال، وإلا لزم الخلف في خبره تعالى.