[تفسير قوله تعالى: (وغدوا على حرد قادرين)]
قال تعالى: {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ} [القلم:٢٥].
(على حرد) أي: على قصد وقدرة في أنفسهم، ويظنون أنهم تمكنوا من مرادهم، قاله ابن عباس وغيره، فالحرد معناه القصد، حرد يحرد حرداً أي: قصد، تقول: حردت حردك أي: قصدت قصدك، ومنه قول الراجز.
أقبل سيل جاء من عند الله يحرد حرد الجنة المغله وأنكره النحاس.
فقوله: يحرد حرد الجنة المغلة يعني: ذات الغلة.
وقيل: (على حرد): على جد.
وقال الحسن: على حاجة وفاقة.
وقال أبو عبيدة والقتيبي: على منع.
يقال: حاردت الإبل حراداً أي: قلت ألبانها.
والحرود من النوق القليلة الدر، وحاردت السنة: قل مطرها وخيرها.
وقال السدي وسفيان: على غضب.
لأن الحرد يأتي بمعنى الغضب، قال أبو نصر أحمد بن حاتم صاحب الأصمعي: إذا جياد الخيل جاءت تردي مملوءة من غضب وحرد ومنه قيل: أسد حارد، وليوث حوارد، أي: غضاب.
وقيل: (على حرد): على انفراد.
لأنه من حرد يحرد حروداً إذا تنحى عن قومه ونزل منفرداً ولم يخالطهم، وقال أبو زيد: رجل حريد: إذا ترك قومه وتحول عنهم، وكوكب حريد أي: معتزل عن الكواكب.
وقال الأصمعي: رجل حريد أي: فريد وحيد، والمنحرد المنفرد، كما قال أبو لؤي: كأنه كوكب في الجو منحرد.
فقوله: {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ} يعني: قد قدروا أمرهم وبنوا عليه.
وقال قتادة: قادرين على جنتهم بظنهم في أنفسهم أنهم قادرون عليها.
وقال الشعبي: (قادرين) يعني: على المساكين.
وقيل: معناه من الوجود، أي: منعوا وهم واجدون للخير، أي: ما كانوا محتاجين لهذا الذي منعوه المساكين، فإذا قلت: فلان مقتدر فمعناه أنه غير محتاج.