قال تعالى:((وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ)) أي: وكم من نبي قاتل، وفي قراءة:(قتل معه ربيون كثير) بالبناء للمفعول.
((قتل معه)) أي: لإعلاء كلمة الله وإعلاء دينه.
((ربيون كثير)) أي: جموع كثيرة من الأتقياء والعباد.
((فَمَا وَهَنُوا)) أي: فما جبنوا.
((لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)) أي: من الجراح وقتل أنبيائهم وأصحابهم.
((وَمَا ضَعُفُوا)) أي: عن الجهاد.
((وَمَا اسْتَكَانُوا)) أي: وما خضعوا لعدوهم، بل صبروا على قتالهم، ولم يفعلوا كما فعلتم حين قيل: قتل النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
{وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} أي: على البلاء، أو على قتال أعدائه.
إذاً: هذه الآية فيها بحث طويل عقده العلامة القرآني الشيخ: محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى في كتابه "أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن" بين فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقتل في حالة الجهاد أبداً؛ وذلك لقوله تعالى:{وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ}[النساء:٧٤] فهذا يدل على أن الذي يقابل الغلبة هو القتل، والله سبحانه وتعالى ضمن للأنبياء النصر وقال:{كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي}[المجادلة:٢١]، فالرسل لا يمكن أن يقتلوا في جهاد، وإنما يمكن أن يقتلوا بصورة أخرى كما حصل ليحيى أو لزكريا.
هذا ما رجحه العلامة القرآني الشنقيطي، فيمكن مراجعة هذا البحث المستفيض في كتابه الرائع "أضواء البيان" في الجزء الأول.
في هذه الآية بين تبارك وتعالى محاسن الربيين الفعلية بقتالهم مع الأنبياء وثباتهم في الجهاد.