وقبل أن نختم الكلام على أن أي خلل في قضية الولاء والبراء، يؤدي إلى فتنة في الأرض كما قال الله سبحانه وتعالى فيه:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ}[الأنفال:٧٣] فنجد الآن أن كل من صوب سهامه تجاه المسلمين فإنهم يصبونها في قضية الولاء والبراء خصوصاً، فتجد التشويش لجودة الدين ولبِّه، فإن من أعظم حقوق لا إله إلا الله موالاة من والى الله، ومعاداة من عادى الله، ففي الإسلام عبادات قلبية وقولية ومالية وبدنية، ومن أعظم العبادات القلبية عبادة الحب والبغض.
فالحب عبادة، والبغض عبادة، فحب الله ورسوله والمؤمنين عبادة كما قال تعالى:{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}[المائدة:٥٥ - ٥٦]، والبغض عبادة كما قال صلى الله عليه وسلم:(أوثق عرى الإيمان: الحب في الله، والبغض في الله)، فمن عادى الله، وعادى الرسول، وعادى الإسلام فلابد أن تعاديه، وأن تبغضه من قلبك.
وأما الكلام في السموم التي تنفث في كل مكان: في مناهج التعليم، وفي الإعلام ليل نهار، فهي محاولة لكسر هذا الحاجز، وقد فُتح على الناس باب فتنة، وشر كبير، والمشكلة أن بعض الناس لا يسمي الأشياء بمسمياتها، فهناك تلاعب كبير في المصطلحات، ومن أخطر هذه المصطلحات الذي تروج لهذه الأفكار مصطلح التعصب، وأن هذا من التعصب، فإذا وجدت رجلاً يدعو بالرحمة لكافر مثلاً فقلت له: لا تدع لكافر، فإنهم يقولون لك: لا داعي للتعصب، الإسلام دين التسامح! أقول: لا، لن يجد في الإسلام دليلاً واحداً على ذلك لا من الكتاب، ولا من السنة، ولا من سيرة السلف، ولا حتى الخلف إلا خلفنا الذين نعيش بينهم الآن، فلن يجد أبداً تسامحاً بمعنى أنه يصف الكافر بأنه مسلم، أو بتعبير أدق أن يجعل الكفر سواسية مع الإيمان، فهذا لا يحصل أبداً، وهذا تحريف للدين، فعدم التمييز بين الأمرين يأتي بكثير من الخلط بين الأوراق وبين الأمور، فهناك فرق بين التعصب والتسامح.