هذه الآية نزلت في النضر بن الحارث وعبد الله بن أمية ونوفل بن خويلد لما قالوا: لن نؤمن لك حتى تأتينا بكتاب من عند الله ومعه أربعة من الملائكة يشهدون أنه من عند الله وأنك رسوله، فنزلت هذه الآية:{وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً}[الأنعام:٧] أي: مكتوباً {فِي قِرْطَاسٍ}[الأنعام:٧] أي: في رقٍ كما اقترحوا {فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ}[الأنعام:٧] وهذا أبلغ من أن يكونوا عاينوه؛ لأن الكتاب إذا لمسه الإنسان يكون أقوى وأبلغ من مجرد المعاينة، فـ (لمسوه) أبلغ من (عاينوه)؛ لأنه أنفى للشك إذا لمسوه بأيديهم، ومعروف أن اللمس لا يكون إلا بالأيدي فهذا يسميه البلاغيون التعميم.
وهذا مثل قوله تعالى:{طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ}[الأنعام:٣٨] والطائر لا يطير إلا بجناحين، ومثل هذا قوله تعالى:{يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ}[آل عمران:١٦٧] والقول لا يكون إلا بالأفواه، وكذلك هنا في قوله:(فلمسوه بأيديهم).
وقوله:{لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ}[الأنعام:٧] يعني: لقالوا: ما هذا إلا سحر مبين تعنتاً وعناداً.