للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تفسير قوله تعالى: (فالمقسمات أمراً)

قال تعالى: {فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا} [الذاريات:٤] أي: الملائكة التي تقسم الأمور من الأمطار والأرزاق وغيرهما، أو ما يعمهم وغيرهم من أسباب القسمة، أو هي الرياح يقسمن الأمطار بتصريف السحاب.

فيمكن أن تكون الأربعة الأشياء المقسم بها هي الرياح، أو أنها أربعة أشياء متباينة تماماً كما بينا، فنلاحظ أن أقوال المفسرين بأنها الرياح قاسم مشترك بين أقوال فريق من العلماء.

يقول الشنقيطي في قوله تعالى: {فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا}: هي الملائكة يرسلها الله في شئون وأمور مختلفة، ولذا عبر عنها بالمقسمات، ويدل لهذا قوله تعالى {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} [النازعات:٥] في سورة النازعات، ((فالمدبرات أمراً)) فمنهم من يرسل لتسخير المطر والريح، ومنهم من يرسل لكتابة الأعمال، ومنهم من يرسل لقبض الأرواح، ومنهم من يرسل لإهلاك الأمم كما وقع لقوم صالح.

فقوله عز وجل: ((أمراً)) هذا مفعول به للوصف الذي هو المقسمات، و ((أمراً)) هنا مفرد أريد به الجمع، ((فالمقسمات أمراً)) أي: فالمقسمات أموراً، كما قال الله تبارك وتعالى: {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا} [الحج:٥]، فهي مفرد لكن المقصود بها الجمع.

أما المقسم عليه بهذه الأقسام فهو قوله تعالى: {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ * وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ} [الذاريات:٥ - ٦]، والذي أوجب هذا القسم شدة إنكار الكفار للبعث والجزاء.