(وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين) يعني: يشفي صدور قوم مؤمنين ممن لم يشهد القتال، فإنه إذا علم ذلك شفي صدره.
{وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}[التوبة:١٥]، (ويذهب غيظ قلوبهم) يعني: بما كابدوا من المكاره والمكايد.
(ويتوب الله على من يشاء) أي: فيحصل لكم أجرهم.
(والله عليم حكيم) أي: في أفعاله وأوامره.
وقد أنجز الله سبحانه وتعالى لهم هذه المواعيد كلها، فكان إخباره صلى الله عليه وسلم بذلك قبل وقوعه معجزة عظيمة، دالة على صدقه وصحة نبوته.
وفي هذه الآيات بيان لبعض الحكم من تشريع الجهاد في الإسلام، (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) ولم يكن قبل موسى عليه السلام قد شرع الجهاد، وإنما كان العذاب يأتي على الكفار من السماء: إما بالصاعقة، وإما بالصيحة، وإما بالزلازل والخسف وغير ذلك، كما قال تعالى:{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ}[القصص:٤٣]، (من بعد موسى) يعني: كانت القرون قبل موسى تهلك بعذاب من عند الله، لكن في شريعة موسى شرع الجهاد، لماذا؟ لما فيه من هذه الحكمة؛ لأن المؤمنين إذا أمروا بمقاتلة الكفار بأيديهم، فهذا يكون أشفى لصدورهم؛ حين ينتقمون من هؤلاء الذين أذاقوهم العذاب، وحاربوا دين الله سبحانه وتعالى، فهذه من حكم الجهاد.