أما خمس النبي صلى الله عليه وسلم الذي جعله الله له فكان أمره في حياته مفوضاً إليه، يتصرف فيه بما شاء، ويرده في أمته كما شاء صلى الله عليه وآله وسلم.
وروى الإمام أحمد أن أبا الدرداء قال لـ عبادة بن الصامت رضي الله عنه: يا عبادة! كلمات رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة كذا وكذا في شأن الأخماس؟ - يعني ذكرني بما قال -فقال عبادة:(إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم في غزوهم إلى بعير من المقسم، فلما سلم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتناول وبرة -من بعير- بين أنملتيه فقال: إن هذه من غنائمكم، وإنه ليس لي فيها إلا نصيبي معكم، إلا الخمس، والخمس مردود عليكم، فأدوا الخيط والمخيط.
وأكبر من ذلك وأصغر، ولا تغلوا؛ فإن الغلول نار وعار على أصحابه في الدنيا والآخرة، وجاهدوا الناس في الله تبارك وتعالى القريب والبعيد، ولا تبالوا في الله لومة لائم، وأقيموا حدود الله بالحضر والسفر، وجاهدوا في سبيل الله؛ فإن الجهاد باب من أبواب الجنة، ينجي الله تبارك وتعالى به من الغم والهم).
قال ابن كثير: هذا حديث حسن عظيم.
وفي هذا أنه صلى الله عليه وسلم كان يصرفه في مصالح المسلمين.
أما بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فاختلفوا: فمن قائل: إن سهم النبي عليه الصلاة السلام يكون لمن يلي الأمر من بعده.
ومن قائل: بل يصرف في مصالح المسلمين، كالسلاح وغير ذلك.
ومن قائل: إنه يصرف لقرابته صلى الله عليه وسلم.
ومن قائل: إنه يرد على بقية الأصناف: ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، واختاره ابن جرير.