لقد بين تعالى وعيد من آثر الحياة الدنيا على الآخرة وهم الكفار، فقال عز وجل:((مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ)).
أي: أننا نوصل إليهم جزاء أعمالهم فيها من الصحة والرزق، وهذا من عدل الله سبحانه وتعالى أنه لا يضيع أجر من أحسن عملاً، حتى الكافر إذا أحسن وعمل عملاً صالحاً كبر الوالدين، وإغاثة الملهوف، وصدق الوعد، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، فإن الله سبحانه وتعالى لا يضيع أجره، بل يوفيه أجره في الحياة الدنيا، حتى يرد الآخرة وليس معه عمل ينفعه؛ لأنه لا ينتفع بعمل صالح في الآخرة عمله في الدنيا إلا إذا كان موحداً.
وهذا هو الجواب عما يستغربه بعض الناس، حينما يرون الكافر في عافية وفي سعة من الرزق، وفي وفور من أمر الدنيا؛ يقول البعض: كيف يبتلى المؤمن ويكون فقيراً ومريضاً، في حين نرى الكافر يتمتع في الدنيا؟! نقول: جاء في الحديث: (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر)، فالكافر لا يثاب على الأعمال الحسنة التي يعملها في الدنيا إلا في الدنيا، أما في الآخرة فلا خلاق له عند الله سبحانه وتعالى.
قوله:((نوف إليهم أعمالهم فيها)) أي: في الدنيا فقط.
((وهم فيها)) أيضاً في الدنيا.
((لا يبخسون)) أي: جزاء أعمالهم في الدنيا، وهذا معلق بمشيئة الله كما قال عز وجل في سورة الإسراء:{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ}[الإسراء:١٨].