قوله تعالى:((خَلَقَ الإِنسَانَ)) أي: آدم عليه السلام.
((مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ)) قال أبو السعود: تمهيد للتوبيخ على إخلالهم بموجب شكر النعمة المتعلقة بذات كل واحد من الثقلين؛ لأن الخطاب في هذه السورة هو موجه للثقلين: الجن والإنس، وصرح به في قوله:{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ}[الرحمن:٣٣]، فعلم أن الخطاب بالتثنية موجه للثقلين: الجن والإنس، فهنا تمهيد لما سوف يحصل من التوبيخ على تقصير الجن والإنس في شكر نعم الله تبارك وتعالى المتعلقة بذاتيهما، فالله سبحانه وتعالى امتن على الإنسان بأن خلقه أولاً من صلصال كالفخار، والصلصال الطين اليابس الذي له صلصلة، والفخار: الخزف.
وقد خلق الله تعالى آدم عليه السلام من تراب جعله طيناً، ثم حمأً مسنوناً، ثم صلصالاً، أي: أن الأصل هو التراب، فجعل التراب طيناً لما أضيف إليه الماء، ثم صار كالحمأ المسنون، ثم صار صلصالاً كالفخار، هذه أخبار عن حالات أصله، وقد أتت بكل حالة آية تدل على إحدى هذه المراحل، فلا تعارض بين الآية الناطقة بإحدى هذه المراحل وبين ما نطقت به الآيات الأخرى.
((وَخَلَقَ الْجَانَّ)) أي: الجن أو أبا الجن.
((مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ)) أي: من لهب صافٍ، واللهب الصافي هو الذي لا دخان له.
((فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)) أي: مما أفاض عليكما في تضاعيف خلقكما ومن سوابغ النعم عليكما، ومما أظهره لكما بالقرآن الكريم.