للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله)]

قال تبارك وتعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [الفتح:٢٨].

(بالهدى) أي: البيان الواضح، (ودين الحق) أي: دين الإسلام، وقال المهايمي: (بالهدى) أي: الدلائل القطعية، (ودين الحق) أي: الاعتقادات الصائبة المطابقة لما هو الواقع أشد مطابقة.

وقال ابن كثير: (بالهدى): بالعلم النافع، (ودين الحق): العمل الصالح، فإن الشريعة تشتمل على شيئين: علم وعمل، فالعلم الشرعي صحيح، والعمل الشرعي مقبول، فإخباراتها حق وإنشاءاتها عدل.

(لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) يعني: ليعليه على الدين كله أي: ليبطل به الملل كلها حتى لا يكون دين سواه، وذلك حين ينزل عيسى بن مريم عليه السلام فيقتل الدجال، فحينئذ تبطل الأديان كلها غير دين الله الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم، ويظهر الإسلام على الأديان كلها.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: قد أظهره الله تعالى علماً وحجة وبياناً على كل دين، كما أظهره قوة ونصراً وتأييداً، وقد امتلأت الأرض منه ومن أمته في مشارق الأرض ومغاربها، وسلطانهم دائم لا يقدر أحد أن يزيله كما زال ملك اليهود وزال ملك من بعدهم عن خيار الأرض وأوسطها، هذا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.

(وكفى بالله شهيداً) أي: على أن ما وعدهم من إظهار دينه على جميع الأديان أو ما وعدهم من الفتح أو المغانم كائن، قال الحسن: شهد الله على نفسه أنه سيظهر دينك على الدين كله وكفى بالله شهيداً.

قال ابن جرير: وهذا إعلام من الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم، والذين كرهوا الصلح يوم الحديبية من أصحابه: أن الله فاتح عليهم مكة وغيرها من البلدان مسليهم بذلك عما نالهم من الكآبة والحزن بانصرافهم عن مكة قبل دخولها وقبل طوافهم بالبيت.