قوله:((عيشة راضية)) يعني: ذات رضاً ملتبسة به، فيكون بمعنى عيشة مرضية، كقوله تبارك وتعالى:{خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ}[الطارق:٦] بمعنى مدفوق، يعني: أتى اسم الفاعل مراداً به اسم المفعول، كذلك هنا (عيشة راضية) يعني: عيشة مرضية، أو عيشة ذات رضاً، كما تقول: لابنٌ وتامرٌ، يعني: صاحب لبن، وصاحب تمر.
أو قوله:(في عيشة راضية) أي: في عيشة راض صاحبها، فأسند الرضا إليها، وجعلها كأنها نفسها راضية.
قوله:((قطوفها)) تقول: (قِطف) بكسر القاف، وهو ما يقطف من ثمرها.
قوله:((دانية)) أي: قريبة سهلة التناول.
قوله تعالى:{كُلُوا وَاشْرَبُوا}[الحاقة:٢٤] أي: يقال لهم: كلوا واشربوا.
قوله:((هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ)) أي: الماضية في الحياة الدنيا.
وناقشنا مراراً الرد على الملاحدة والمشركين والكفار من النصارى المستشرقين والمنصرين الذين يطعنون في الإسلام وقلنا: إن الإسلام يعد المؤمنين بمتاع حسي في الجنة، فالجنة تشمل كل أنواع النعيم الحسي والنفسي والروحي، يقول تعالى:{وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ}[التوبة:٧٢] أي: ورؤية الله سبحانه وتعالى في الجنة هي أعظم نعيم الجنة على الإطلاق، بحيث إنه إذا كشفت الحجب ورأوا ربهم سبحانه وتعالى ونظروا إليه يتلهون عن كل ما عدا ذلك من النعيم، وهذا نعيم معنوي وليس نعيماً حسياً، فالإنسان جسم وروح، جسد ونفس، فاقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى وفضله على المؤمنين أن ينعم أرواحهم وينعم أيضاً أجسادهم، وهذا ليس فيه أي معرة، وإنما حرم النصارى أنفسهم من هذا كله بسبب آثار رهبانيتهم التي ابتدعوها، وحرموا بسببها ما أحل الله من الطيبات، ونظروا إلى النعم الحسية على أنها نجس، حتى إنهم نفروا من الزواج ومن أطايب الطعام والشراب ونحو ذلك، فهذه رهبانيتهم المشئومة مخالفة لقول الله تبارك وتعالى:{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[الأعراف:٣٢] يشتركون فيها مع غيرهم {خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ}[الأعراف:٣٢] فقط لمن آمن.
وهناك كثير من الأدلة التي تدل على إبطال ما يزعمونه، ومن ذلك أنهم يعتقدون أن آدم وحواء كانا في الجنة، وأنهما أكلا من الشجرة، وهذا يدل على أن الجنة فيها أشجار وفيها ثمار تؤكل، وهذا مما نحتج به عليهم، وإن كانت عقيدتهم في قصة آدم وحواء دخلها شيء من التحريف كما هي في سجيتهم.