[شهادة الشاهدين عامة في كل الحقوق الإلهية والآدمية]
الأمر الثاني: قال بعضهم: دل قوله تعالى: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}، على أن الحكم شرطه أن يشهد فيه اثنان عدلان، وهذا إطلاق لم يفصل فيه بين حق الله وحق غيره، ولا بين الحدود وغيرها، إلا في شهادة الزنا كما في قوله تعالى في سورة النور:{ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ}[النور:٤]، وهذا مجمع عليه، وذكر ابن القيم في إعلام الموقعين أنه -سبحانه- ذكر ما يحفظ به الحقوق من الشهود ولم يذكر أن الحكام لا يحكمون إلا بذلك، فليس في القرآن نفي الحكم بشاهد ويمين، ولا بالنكول، ولا باليمين المردودة، ولا بأيمان القسامة، ولا بأيمان اللعان، وغير ذلك مما يبين الحق ويظهره ويدل عليه، والشارع في جميع المواضع يقصد ظهور الحق بما يمكن ظهوره به من البينات التي هي أدلة عليه وشواهد له، ولا يرد حقاً قد ظهر بدليله أبداً، فيضيع حقوق الله وحقوق عباده ويعطلها، ولا يكشف ظهور الحق على أمر معين لا فائدة في التصريح به مع مساواة غيره في ظهور الحق أو رجحانه عليه ترجيحاً لا يمكن جحده ودفعه.