[الوجه الثالث في معنى الدخان المذكور في قوله:(فارتقب)]
قال القاسمي: وأما الوجه الثالث في الآية: فروى ابن أبي حاتم بسنده عن عبد الرحمن الأعرج في قوله تعالى: (يوم تأتي السماء بدخان مبين) قال: كان يوم فتح مكة.
أي: أن هذا الدخان المبين كان يوم فتح مكة.
قال ابن كثير: وهذا القول غريب جداً، بل منكر.
ومثل هذا القول لم يرو مرفوعاً ولا موقوفاً على ابن عباس ترجمان القرآن أو غيره من الصحب، إلا أن عدم كونه مأثوراً لا ينافي احتمال لفظ الآية له وصدقها عليه، لاسيما وأن قوله تعالى في آخر السورة:{فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ}[الدخان:٥٩] يفهم منه أن هذا وعد بظهوره عليه الصلاة والسلام على هؤلاء الكفار، وكان ذلك بالفعل يوم الفتح، وحينئذ فمعنى قوله تعالى:{إِنَّا كَاشِفُوا الْعَذَابِ}[الدخان:١٥] أي: ما ينزل بهم يومئذ برفع القتل والأسر عنهم.
قوله:(إنكم عائدون) أي: إلى لقاء الله ومجازاته.
يقول القاسمي رحمه الله تعالى: يظهر مما نقلناه عن السلف في هذه الآية من الأقوال الثلاثة أن هذه الآية من الآي اللاتي أخذت من الصحب عليهم الرضوان اهتماماً في معناها، وعناية في البحث عن المراد منها، حتى كان ابن مسعود مصراً على وجه، وعلي وابن عباس وحذيفة على وجه آخر على ما أسند عنهم من طرق، ولعمر الحق! إن هذه الآية لجديرة بزيادة العناية، وهكذا كل ما كان من معارك الأنظار للأئمة الكبار، وسبب الاختلاف هو إيجاز الأسلوب الكريم وإيثاره من الألفاظ أرقها وأوجزها.