قوله تعالى:{وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} أي: فراخه أو سنبله أو نباته {فَآزَرَهُ} يعني: قواه، {فَاسْتَغْلَظَ} يعني: غلظ الزرع واشتد، فالسين للمبالغة في الغلظ أو صار من الدقة إلى الغلظ {فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} أي: استقام على قصبه، والسوق جمع ساق {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ} أي: هذا الزرع الذي استغلظ فاستوى على سوقه في تمامه وحسن نباته وبلوغه وانتهائه يعجب الذين زرعوه {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} تعليل لما دل عليه تشبيههم بالزرع نمائهم وترقيهم في الزيادة والقوة، كأنه قيل: إنما قواهم وكثرهم ليغيظ بهم الكفار، ومن ثم ذهب الإمام مالك إلى تكفير الرافضة.
يقول الزمخشري: هذا مثل ضربه الله لبدأ أمر الإسلام وترقيه في الزيادة إلى أن قوي واستحكم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قام وحده ثم قواه الله بمن آمن معه، كما يقوي الطاقة الأولى من الزرع ما يحتف بها مما يتولد منها حتى يعجب الزراع.
وهذا هو ما قاله البغوي أي: أن الزرع محمد عليه الصلاة والسلام، وأما الشطء الذي زاد عن هذا الزرع فهم أصحابه والمؤمنون، فجعل التمثيل للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته، وأما القاضي فجعله مثالاً للصحابة فقط، فـ الزمخشري والبغوي قالا: إن الزرع نفسه هو مثال للنبي عليه الصلاة والسلام، أما الشط فهم أصحابه والمؤمنون الذي قووا دينه وجاهدوا في سبيله، فهذا تمثيل للنبي وأمته، وأما القاضي فجعله مثالاً للصحابة فقط، وعبارته: وهو مثل ضربه الله تعالى للصحابة، كانوا قلة، في بدء الإسلام، ثم كثروا واستحكموا، فترقى أمرهم بحيث أعجب الناس.