[تفسير قوله تعالى: (وأصحاب اليمين ولا ممنوعة)]
قال تبارك وتعالى: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ * فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ * وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ * وَظِلٍّ مَمْدُودٍ * وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ * وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ} [الواقعة:٢٧ - ٣٣].
{وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ} أي: أي شيء هم؟ أي: هم شرفاء عظماء كرماء، يتعجب من أوصافهم في السعادة.
{فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ} أي: لا شوك له.
أو موقر بالثمار، مثقل من الثمار التي يحملها، والسدر شجر معروف في الدنيا.
{وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} الطلح هو شجر الموز، والمنضود: الذي نضد ثمره من أسفله إلى أعلاه.
قال مجاهد: كانوا يعجبون بود من طلحه وسدره.
و (ود) مكان -أحسبه- كان في الطائف، فكانوا يعجبون من طلحه وسدره؛ لأن فيه شجر الطلح وشجر السدر.
وشجرة الموز ثمرتها حلوة دسمة لذيذة لا نوى لها.
{وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} أي: ممتد منبسط لا يتقلص، كالظل الذي يكون في الدنيا ويتبعه الحر والشمس.
{وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ} أي: مصبوب دائم الجريان لا ينقطع.
{وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ * لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ} أي: لا تنقطع عنهم متى أرادوها، لكونها غير متناهية.
((وَلا مَمْنُوعَةٍ)) أي: لا تمنع عن طالبها.
والقصد بيان أن فاكهتها مغايرة لفاكهة الدنيا؛ لأن فاكهة الدنيا موسمية، توجد في موسم ولا توجد في موسم آخر، فيأتي عليها وقت تنقطع فيه تماماً ولا تكون موجودة، كفاكهة الصيف تطلب في الشتاء، وتمتنع أحياناً لعزتها، لكونها غير متوفرة في الأسواق فهذا نوع من الامتناع، بل أحياناً تمتنع بسبب الجدب أو القحط أو الجفاف أو نحو ذلك، وقد تطرأ عليها جائحة أو سبب يترتب عليه أنها تمتنع، أما فاكهة الجنة فلا يعرض لها شيء من هذه الطوارئ والجوائح والانقطاع.