[تفسير قوله تعالى: (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق)]
ثم قال عز وجل: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ} [الأعراف:١٤٦].
أي: سأمنع فهم الحجج والأدلة الدالة على عظمة الشريعة والأحكام عن قلوب المتكبرين عن طاعتي والمتكبرين على الناس؛ لأنهم كما استكبروا على خلق الله أذلهم الله بالجهل، فحرمهم من فهم آيات الله سبحانه وتعالى.
وقوله: ((سأصرف)) يعني: سأمنع.
((عن آيتي)) أي: عن فهم وتدبر آياتي.
((الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق))، أي: ما داموا تكبروا بغير الحق في الأرض فسيعاقبهم الله سبحانه وتعالى بالجهل، وكفى بالجهل ذلاً! وهذا من باب مقابلة كبرهم.
وهذا كقوله تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام:١١٠]، وكقوله تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف:٥].
((بِغَيْرِ الْحَقِّ))، أي: يتكبرون بما ليس بحق، وهو دينهم الباطل، أو (بغير الحق) حال، يعني: يتكبرون غير محقين.
وقوله: ((وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ)) أي: حجة من الآيات والحجج المنزلة عليهم.
((لا يُؤْمِنُوا بِهَا)) يعني: تكبراً عليها.
وقوله: ((وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ)) أي: حين يرون طريق الحق والهدى والاستقامة واضحاً ظاهراً.
((لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا))؛ لأنه يتنافى ويتعارض مع أهوائهم.
وقوله: ((وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ)) أي: الضلال عن الحق والهلاك.
((يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا)) أي: طريقاً يميلون إليه، ((ذَلِكَ)) إشارة إلى الصرف عن الآيات، أو (ذلك) يعني: لاتخاذهم الغي سبيلاً، ((ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ))، أي: لاهين لا يتفكرون فيها ولا يتعظون بها، أو غافلين عما ينزل بهم.