وهنا يضل فريقان: الفريق الأول: المشبهة الذين يشبهون الله سبحانه وتعالى بخلقه، فيقولون: استوى كما تستوي المخلوقات على الكرسي.
والعياذ بالله! وهذا ضلال مبين.
والفريق الآخر: المعطلة الذين يعطلون الصفات، فيؤولونها أو يحرفونها، كما ذهب بعضهم إلى تأويل (استوى) بمعنى: استولى، وقال: إن قوله تعالى: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}[الأعراف:٥٤]، يعني: استولى على العرش.
فنقول: إذا كان المعنى: استولى على العرش، فهل نازعه أحد فغلبه الله سبحانه وتعالى واستولى على العرش؟ معاذ الله! وعلى قولهم يصح أن يقال أيضاً: استوى على الجبال وعلى الكواكب وعلى الأرض بمعنى: أنه استولى عليها، أي: ملك وقهر، فلماذا خص العرش بالذكر؟! ويستدلون ببيت شاعر نصراني هو الأخطل: قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراق فيقال لهم: كيف تصرفون ظاهر القرآن الكريم ببيت شعر لنصراني لا يعرف الله؟! وهذا البحث مهم جداً، ويعتبر من أمور العقيدة التي هي في غاية الأهمية، فقضية فوقية الله سبحانه وتعالى وعلوه على خلقه هي المسألة التي قال بعض العلماء فيها: قام عليها ألف دليل من القرآن والسنة وأقوال الصحابة رضي الله تعالى عنهم والأئمة من بعدهم.
بل حتى الحيوانات والعجماوات، وأهل الجاهلية، فأهل الجاهلية عندهم أشعار تثبت الاستواء على العرش، فهذا الموضوع من الأمور المهمة جداً، ولا بد من أن يصحح كل عقيدته بأن يدرس هذه المسألة دراسة محققة.
وأشهر رسالة ألفت في ذلك هي رسالة: الفتوى الحموية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية، وكان في زمان لابد لأي سلفي أن يقرأ الفتوى الحموية، أما الآن فلا يكون الرجل سلفياً عند بعض الناس إلا إذا أقام الدنيا وأقعدها حول مسائل معدودة، وللأسف هذا هو فهم الكثير من الشباب الآن للسلفية، فيقيمون الدنيا في مسألة الضم بعد الركوع، وهل يشير بأصبعه في التشهد أم لا يشير؟ ونحو ذلك وكذلك مسألة هل تنزل على الركبة، أم تنزل على الكفين؟ ونحن نقول: مثل هذه المسائل تحقق بالأدلة، لكن بحيث لا تستحوذ على قدر من الاهتمام بحيث تكاد تظهر على أنها جواز المرور إلى السلفية، فقد ترى هؤلاء الشباب يخوضون في هذه المسائل وربما تباغضوا وتنافروا بسبب الخلاف فيها، مع أنهم يهملون كثيراً من أصول العقيدة، كهذه القضية.
فأنصح الإخوة بدراسة الفتوى الحموية الكبرى، وأيضاً كتاب: مختصر العلو للحافظ الذهبي الذي اختصره العلامة الألباني رحمه الله تعالى.