قال عز وجل:{مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا}[النساء:١٣٤].
قوله:(من كان يريد ثواب الدنيا) كالمجاهد يجاهد لطلب الغنيمة (فعند الله ثواب الدنيا والآخرة) أي: أنه يستطيع بهذا الجهاد نفسه الذي يفعله أن يطلب ثواب الدنيا والآخرة، كما له أن يطلب أخسهما ويقتصر على طلب الدنيا، فليطلبهما أو ليطلب الأشرف منهما وهو ثواب الآخرة، كما قال تعالى:{فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ * وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}[البقرة:٢٠٠ - ٢٠٢]، وقال تعالى:{مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ}[الشورى:٢٠]، وقال تعالى:{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ}[الإسراء:١٨]، إلى آخر الآيات.
وقال بعضهم: عني بالآية مشركو العرب، فإنهم كانوا يقرون بأن الله تعالى خالقهم ولا يقرون بالبعث يوم القيامة، وكانوا يتقربون إلى الله تعالى؛ ليعطيهم من خير الدنيا ويصرف عنهم شرها.
(من كان يريد ثواب الدنيا) هذا كما كان يفعله هؤلاء المشركون، فعند الله ثواب الدنيا والآخرة، هناك بعث ونشور وجنة ونار، فعليهم أن يرجو جلب الخير في الآخرة، ودفع الشر فيها أيضاً.
(وكان الله سميعاً بصيراً) فلا يخفى عليه خافية ويجازي كلاً بحسب قصده.