[تفسير قوله تعالى:(ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون)]
يقول تبارك وتعالى:{أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ}[البقرة:١٢] يعني: لا يشعرون بكونهم مفسدين، وهذه الآيات عند عامة المفسرين في المنافقين؛ وزعم بعض المشايخ المعاصرين وهو أبو الفيض الغماري في كتاب له يتحدث عن إخبار النبي عليه الصلاة والسلام ببعض الأمور الغيبية، أن هذه الآيات ليس المراد بها المنافقين الأوائل، وإنما المراد بها أهل هذا العصر من المنافقين أو العلمانيين الذين يصورون أعمالهم في الأرض بصورة الإصلاح.
وذكر من وجوه كثيرة انطباق هذه الصفات كلها عليهم، خاصة أنهم مولعون باستعمال عبارة الإصلاح الديني، وإذا مدحوا واحداً سموه مصلحاً، واليوم يسمونه مفكراً إسلامياً مستنيراً.
وقد أفاض في ذلك فلا نطيل بذكر التفاصيل، ويُكتفى بهذه الإشارة، أما مصطلح الإصلاح الديني فتعبير خبيث لا يجوز أبداً أن يطلق، فالذي يحتاج إلى إصلاح هو واقع الناس، أما دين الله فلا يحتاج إلى إصلاح، الإصلاح إنما يكون لما يطرأ عليه فساد، أما الدين فهو وضع إلهي سائغ لذوي العقول السليمة؛ لما فيه صلاح دنياهم وسعادة أخراهم، هذا هو الدين وكله صلاح، فعبارة (الإصلاح الديني) عبارة خبيثة، يراد بها إدخال البدع، وتحريف لمعاني الإسلام بحجة الإصلاح، فترى القوم مولعين بهذه التعبيرات، فلان مصلح ديني، أو مصلح اجتماعي مع أنه من أشد المفسدين في الأرض:{أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ}.