[مقامات وصف النبي صلى الله عليه وسلم بالعبودية في القرآن]
وفي ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم بعنوان العبودية تنبيه على عظمة المنَّزل والمنزَّل عليه، فذكره صلى الله عليه وسلم بصفة العبودية من أعظم ما يمدح به النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لإمعانه في التذلل والخضوع والتواضع والعبودية لربه تبارك لله تعالى، فمن تواضع لله رفعه، فالنبي عليه السلام أشد الخلق وأعظمهم تحقيقاً للعبودية لله عز وجل؛ فلذلك رفعه الله على سائر الأنبياء والمرسلين، قال: في ذكره بعنوان العبودية تنبيه على عظمة المنزل والمنزل عليه، كما تدل عليه الإضافة الاختصاصية، كما تقدم في سورة الإسراء، وقد تقدم في عدة مواضع من القرآن الكريم أن الله سبحانه وتعالى وصفه بالعبودية في أعلى المقامات، وهنا أيضاً وصفه بالعبودية في أشرف الأشياء وهي: أنه أنزل عليه الكتاب، وهذا أمر معروف في القرآن الكريم، كما في قوله تبارك وتعالى:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى}[الإسراء:١]، وهذا في مقام الإسراء، وهو آية عظمى من آيات الله سبحانه وتعالى، وقد صفه الله فيه بالعبودية، وفي مقام الدعوة أيضاً:{وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا}[الجن:١٩]، أي: تزاحمت عليه الجن طبقة فوق طبقة، وفي مقام التحدي:{وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ}[البقرة:٢٣]، وفي هذا كله أن شأن الرسول أن يكون عبداً للمرسِل، فما دام أنه قد أرسل من قبل الله سبحانه وتعالى فهو عبد له، لا كما زعمت النصارى في حق عيسى عليه السلام.