[تفسير قوله تعالى:(ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين)]
قال الله تعالى:(ذلك الكتاب) يعني: هذا الكتاب وهو القرآن الكريم، فيستعمل (ذلك) للإشارة للبعيد، ويستعمل (هذا) في الإشارة إلى القريب، فالقرآن هنا قريب، فما السبب في أن الله سبحانه وتعالى قال:(ذَلِكَ الْكِتَابُ)، فأشار إليه بالبعيد؟ السبب أن (ذلك) تساوي (هذا)، ومعهود في لغة العرب التقارب بين هذا وذلك، يعني: أنه يذكر ذلك في موضع هذا وهذا في موضع ذلك، مثلاً قوله تبارك وتعالى:{ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ}[السجدة:٦]، ذلك بمعنى: هذا، كذلك في قوله:{وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ}[الأنعام:٨٣]، (تلك) بمعنى: هذه، كذلك قوله:{تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ}[البقرة:٢٥٢] بمعنى: هذه؛ لأنها قريبة.
كذلك العكس يستعمل هذا مكان ذلك كقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في تنبئه في ركوب بعض الصحابة البحر المجاهدين في سبيل الله:(يركبون ثبج هذا البحر) والمقصود: ذلك البحر، فهنا استعمل (هذا) مكان (ذلك).
إذاً: قوله تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ}[البقرة:٢] يعني: هذا الكتاب.
ومن قال:(ذلك) إشارة للبعيد على الأصل قالوا: هذه إشارة إلى بعد درجته وعلو منزلته في الهداية والشرف.