((وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة)) أي: جعلت اللعنة تابعة لهم ولازمة لهم في الدارين.
قال أبو السعود: والتعبير عن ذلك بالتبعية للمبالغة، ولم يقل: وجعلت عليهم اللعنة وإنما قال: ((وأتبعوا)) يعني: أنها لازمة لهم لصيقة بهم، أينما ذهبوا، فهي لا تفارقهم وإن ذهبوا كل مذهب، بل تدور معهم حيثما داروا، وذلك بسبب اتباعهم رؤساءهم جزاءً وفاقاً.
وهذه إشارة إلى قاعدة: الجزاء من جنس العمل، لأنهم كما في الآية السابقة:((وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ))، فلما اتبعوا رؤساءهم في الكفر كان جزاؤهم:((وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ))، أي: هذا جزاء متابعتهم رؤساءهم في الكفر والعناد والتجبر، فعوقبوا من نفس الجنس بأن أتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة.
((أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ)) أي: إذ عبدوا غيره، وسبق أن أشرنا إلى أن كفروا هنا تعدت بنفسها بدون حرف الباء.
((أَلا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ)) دعا عليهم بالهلاك أو باللعنة، وفيه من الإشعار بالسخط عليهم والمقت ما لا يخفى فظاعته.
وتكرار حرف التنبيه (ألا) للمبالغة في تهويل حالهم والحث على الاعتبار بنبئهم.
وقوله:((ألا بعداً لعاد قوم هود)) هذا عطف بيان لعاد ((ألا إن عاداً كفروا ربهم ألا بعداً لعاد قوم هود)) الفائدة المزيدة هنا هي النسبة بذكر هود عليه السلام، وفيها إشارة إلى أنهم ما استحقوا هذه الهلكة إلا بإعراضهم عن دعوة نبيهم هود عليه السلام، ولذلك قال:((ألا بعداً لعاد قوم هود)) كأنه قيل: عاد قوم هود الذي كذبوه عليه السلام.
وهنا تناسب أيضاً بين أواخر الآيات؛ لأنه قال قبلها:((وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ))، وقبل ذلك:((حَفِيظٌ))، و ((غَلِيظٍ))، وغير ذلك مما هو على وزن فعيل المناسب لفعول في القواسم، وهنا ختمت الآية بقوله:((أَلا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ)).