[تفسير قوله تعالى:(ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون)]
قال تبارك وتعالى:{وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}[الذاريات:٤٩] قوله: ((زَوْجَيْنِ)) أي: ذكراً وأنثى، أو نوعين متقابلين.
قال ابن كثير: أي جميع المخلوقات أزواج: سماء وأرض، وليل ونهار، وشمس وقمر، وبر وبحر، وضياء وظلام، وإيمان وكفر، وموت وحياة، وشقاء وسعادة، وجنة ونار، حتى الحيوانات والنباتات.
وقد دلت ذلك آيات كثيرة في القرآن الكريم على إثبات الزوجية في كل شيء، وأنا عندي بحث مستقل بعنوان:(الزوجية في كل مخلوق) وهو كتاب كبير يتناول الموضوع، فهناك ظاهرة الزوجية في كل شيء، الكهربية: سالبة وموجبة، المغناطيسية: شمال وجنوب وهكذا، كل شيء خلقه الله سبحانه وتعالى تتحقق ظاهرة الزوجية فيه.
يقول ابن جرير: وأولى القولين في ذلك قول مجاهد وهو أن الله تبارك وتعالى خلق لكل ما خلق من خلقه ثانياً له مخالفاً في معناه، فكل واحد منهما زوج للآخر، ولذا قيل:((خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ)).
((لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)) يقول ابن جرير: أي: لتذكروا وتعتبروا بذلك، فتعلموا أيها المشركون بالله أن ربكم الذي يستوجب عليكم العبادة هو الذي يقدر على خلق الشيء وخلافه، وابتداء الزوجين من كل شيء لا ما لا يقدر على ذلك.