قال تبارك وتعالى:{وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}[الشرح:٨] يعني: وإلى ربك ترغب، التقديم هنا مشعر بالتخصيص، مثل قوله تعالى:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة:٥] أي: لا نعبد غيرك، وهكذا هنا لا ترغب إلى غيره سبحانه وتعالى.
كأنه يقول: الذي أنعم عليك بكل ما تقدم هو الذي ترغب فيما عنده لا سواه؛ لأنه سبحانه هو الذي أنعم عليك بكل هذه النعم المعدودة في سورة الضحى والشرح.
فإذا كان كل هذه النعم هي من عند الله، فلا ينبغي أن ترغب إلا بما عند الله سبحانه وتعالى لا فيما سواه:(وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ).
يقول القاسمي: قوله: (فإذا فرغت) أي: من عمل من أعمالك النافعة لك ولأمتك.
قوله:(فانصب) أي: خض في عمل آخر واتعب فيه، فإنك تجد لذة الراحة عقب النصب بما تجنيه من ثمرة العمل.
قوله:(وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) أي: في الدعوة إليه، ولا ترغب إلا إلى ذاته، دون توان أو غرض آخر، لتكون دعوتك ووجهتك إليه وحده.
وقال ابن جرير: اجعل نيتك ورغبتك إليه دون من سواه من خلقه، إذ كان هؤلاء المشركون من قومك قد جعلوا رغبتهم في حاجاتهم إلى الأنداد.
يقول القاسمي: والأظهر عندي اعتماداً على ما صححناه من أن الآية مدنية، وأنها من أواخر ما نزل، وأن يكون معنى قوله تعالى:(فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ) أي: إذا فرغت من مقارعة المشركين، وظفرت بأمنيتك منهم بمجيء نصر الله والفتح، فانصب في العبادة والتسبيح والاستغفار.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.
سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.