سورة العاديات هي السورة الثلاثون، وآيها إحدى عشرة.
بسم الله الرحمن الرحيم {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا}[العاديات:١ - ٣] هذا قَسَمٌ بخيل الغزاة التي تعدو نحو العدو لتهاجمه، وأثناء هذا العَدْو تضبح، والضَبْح: صوت أنفاسها إذا عَدَتْ، وليس المراد هنا: الصهيل؛ لأن الخيول لها حالتان: حالة الصهيل: وهو الصوت العادي المعروف.
أما الضَبْح فهو صوتها عند النزال حيث تلهث أثناء الجري للعدو، فتصدر الصوت المسموع عند الشهيق والزفير.
قوله تعالى:{فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا}[العاديات:٢] أي: أن هذه الخيول توري النار بحوافرها، والقدح هو الضرب لإخراج النار، والإيراء يترتب عليه؛ لأنه إخراج النار وإيقادها، فإيراؤها ما يرى من صدم حوافرها للحجارة وهي تعدو، لا سيما إذا اصطدمت بالصخور، فذلك يُخرج شرارة أو ناراً، وتسمى: نار الحداحد، ولما كان هذا مرتباً على عدوها عطفه بالفاء بقوله:{فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا}.
قوله تعالى:{فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا}[العاديات:٣] أي: تُغِيْر على العدو في وقت الصبح، يقال: أغار على العدو، إذا هجم عليه ليقتله أو يأسره أو يسترد منه ماله، فهذا وصف للخيل بالغاية التي جهزت لها، أي: أنها تعدو ويشتد عَدْوها حتى يخرج الشرر من حوافرها؛ لتهجم على العدو وقت الصباح، وهو وقت المفاجأة حينما يكون العدو على غير أُهْبة، وهذا أفضل وقت يُغار فيه على العدو.
قوله تعالى:{فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا}[العاديات:٤] أي: فَأَهَجْن في ذلك الوقت غباراً، وهو مأخوذ من الإثارة، وهي التهييج وتحريك الغبار حتى يرتفع.
والنقع الغبار، وورد بمعنى الصياح، فجوز إرادته هنا، بمعنى صياح من هوجم عليه وأوقع به، لا صياح المغير المحارب، لكن الأول الأقرب.
قال الشهاب: وذِكْرُ إثارة الغبار إشارة إلى شدة العَدْو وكثرة الكر والفر، وتخصيص الصبح هنا؛ لأن الغارة كانت معتادة فيه، أي: لمباغتة العدو، والغبار إنما يظهر نهاراً وليس ليلاً.
قوله تعالى:{فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا}[العاديات:٥] أي: فتوسطن ودخلن في وسط جمع من الأعداء ففرّقنه وشتتنه.