قال تبارك وتعالى:{وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} أي: جعلوا ملائكة الله الذين هم عنده يسبحونه ويقدسونه إناثاً، والتفسير لـ (عنده) مبني على قراءة أخرى في نفس هذه الآية وهي أن بعض القراء يقرءونها: (وجعلوا الملائكة الذين هم عند الرحمن إناثاً)، أخذاً من قوله تعالى:{فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ}[فصلت:٣٨] وليس هناك إشكال؛ لأن من شروط القراءة الصحيحة أولاً: أن توافق الرسم والخط العثماني، والخط العثماني لم يكن منقوطاً، وذلك أن (عند وعباد) تكتب بنفس الحروف العين والباء والدال، لأن عباد تكتب في المصحف العثماني (عبد) لكن تُقرأ عباد إذا قدرنا النقطة تحت الباء، أما إذا قرأناها: الذين هم عند الرحمن، فتكون النقطة فوق، وسبب هذا أن المصحف العثماني لا توجد فيه هذه النقطة لا فوق ولا تحت.
ثانياً: أن تكون موافقة للإعراب ولقواعد النحو العربي.
ثالثاً: أن تثبت بالتواتر.
وقوله تعالى:{وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا}[الزخرف:١٩]، في القراءة الأخرى:(الذين هم عند الرحمن إناثاً) أي: جعلوا ملائكة الله الذين هم عنده يسبحونه ويقدسونه إناثاً، فقالوا: هم بنات الله، جهلاً منهم بحق الله سبحانه، وجراءة منهم على قول الكذب.
وقوله:{أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} أي: أحضروا خلق الله إياهم فوصفوهم بذلك لعلمهم بهم وبرؤيتهم إياهم؟! وهو إنكار عليهم.
وقوله:{سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ} أي: على الملائكة بما هم مبرءون منه، {وَيُسْأَلُونَ} أي: يسألون عنها يوم القيامة، بأن يأتوا ببرهان على حقيقتها، ولن يجدوا إلى ذلك سبيلاً، وفيه من الوعيد ما فيه؛ لأن كتابتها والسؤال عنها يقتضي أنهم سوف يعاقبون ويجازون على ذلك أشد الجزاء.