قوله تعالى:{وَابتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} أي: ما أباحه لكم من الجماع أو ما قدره لكم من الولد.
قوله تعالى:{وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ}، تأكيد لما قبله، أي: ابتغوا هذه الرخصة التي أحلها لكم، و (كتب) هنا بمعنى: جعل، كقوله تعالى:{أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ}[المجادلة:٢٢] يعني: جعل في قلوبهم الإيمان، وقوله تعالى:{فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ}[آل عمران:٥٣] يعني: فاجعلنا مع الشاهدين، وقوله تعالى:{فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ}[الأعراف:١٥٦] يعني: سأجعلها.
وقد تكون بمعنى: قضى، (ابتغوا ما كتب الله لكم) يعني: ما قضى كقوله تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا}[التوبة:٥١] يعني: إلا ما قضاه لنا، وقوله تعالى:{كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي}[المجادلة:٢١] يعني قضى، وقوله:{لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ}[آل عمران:١٥٤] يعني: قضي.
قال الراغب: في الآية إشارة في تحري النكاح إلى لطيفة وهي: أن الله تعالى جعل لنا شهوة النكاح لبقاء نوع الإنسان إلى غاية، كما جعل لنا شهوة الطعام لبقاء أشخاصنا إلى غاية، فحق الإنسان أن يتحرى بالنكاح ما جعل الله له على حسب ما يقتضيه العقل والديانة، فمتى تحرى به حظ النفس وحصن النفس على الوجه المشروع فقد ابتغى ما كتب الله له، وإلى هذا أشار من قال: على الولد، {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} يعني: الذرية والأولاد.
وقال هنا:((وَابْتَغُوا)) أي: اطلبوا.
((مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ)) أي: أباحه من الجماع أو قدره من الولد.