قوله:(ولا تجسسوا)، يقول القاسمي رحمه الله تعالى: ولما كان من ثمرات سوء الظن التجسس؛ لأنه إذا ألقي في القلب ظن سوء، فهذا الظن السيئ يدفع من ظنه إلى أن يتجسس ويتتبع عورات أخيه، فإن القلب لا يقنع بالظن ويطلب التحقيق، فيشتغل بالتجسس، فلذلك قال سبحانه وتعالى:((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا))؛ لأن الظن يقود إلى التجسس.
وقد ذكر سبحانه وتعالى النهي عنه إثر سوء الظن لهذه العلة، فقال تعالى:((وَلا تَجَسَّسُوا))، قال ابن جرير رحمه الله: أي: لا يتبع بعضكم عورة بعض، ولا يبحث عن سرائره، يبتغي بذلك الظهور على عيوبه، ولكن اقنعوا بما ظهر لكم من أمره فاحمدوا أو ذموا على ما تعلمونه من الظواهر.
ولذلك من رحمة الله سبحانه وتعالى أن جعل أحكام الدنيا تجري على ما يظهره الناس، وإلا لفسدت الحياة وما أطاق الناس بعضهم بعضاً؛ لأن الناس يحتاجون كثيراً في معاملاتهم إلى نوع من المداراة، فالمداراة مباحة، لكن المداهنة ليست من خلق المؤمن.