[تفسير قوله تعالى: (متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان فبأي آلاء ربكما)]
{مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن:٧٦ - ٧٧].
قوله: ((مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ)) أي: سرر أو مساند أو وسائد خضر ((وعبقري)) أي عتاق الزرابي، ((حسان)) أي: جيادها.
وأصل صفة العبقري هذه لا تقال إلا على الجيد، فهنا كشف عن الصفة بقوله: ((مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ))، فقد يظن ظان أن هناك شيئاً يوصف بأنه عبقري ولا يكون حسناً، فمن ثم قال: الصفة كاشفة؛ لأن كل عبقري لابد أن يكون حسناً.
يقول الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى: ((مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ)) عن ابن عباس: (الرفرف المحابس)، والمحابس بفتح الميم محبس، والمحبس ثوب يطرح على ظهر الفراش الموضوع على السرير الذي ينام الإنسان عليه.
وقال العلاء بن زيد: الرفرف على السرير كهيئة المحابس المتدلي.
وقال عاصم الجحدري: ((متكئين على رفرف خضر)) يعني: الوسائد.
وعن سعيد بن جبير قال: الرفرف: رياض الجنة، والعبقري هي: عتاق الزرابي، يعني: جيادها.
وقال مجاهد: العبقري: الديباج.
وسئل الحسن البصري عن قوله تعالى: ((وعبقري حسان)) فقال: هي بسط أهل الجنة لا أبا لكم فاطلبوها، وعنه: أنها المرافق.
وقال زيد بن أسلم: العبقري أحمر وأصفر وأخضر.
وقيل: العبقري من ثياب أهل الجنة لا يعرفه أحد.
وقال أبو العالية: العبقري: الطنافس المخملة إلى الرقة ما هي.
وقال القيسي: كل ثوب موشى عند العرب عبقري.
وقال أبو عبيدة: هو منسوب إلى أرض يعمل بها الوشي.
وقال الخليل بن أحمد: كل شيء نفيس من الرجال وغير ذلك يسمى عند العرب عبقرياً, ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في عمر: (فلم أر عبقرياً يفري فرية).
والعبقري هنا المقصود به: رئيس القوم وجليلهم.