يقول القاسمي رحمه الله تعالى: ذهب كثير من السلف إلى أن الآية الأولى فيها إيجاب قيام الليل، ثم هذه الآية في آخر السورة نسخت هذا الوجوب، ولذلك قال:((فتاب عليكم)) أي: برفع الوجوب ونسخه للتيسير.
يقول ابن كثير: روى ابن جرير عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت أجعل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصيراً يصلي عليه من الليل، فتسامع به الناس فاجتمعوا، فخرج كالمغضب وكان بهم رحيماً، فخشي أن يكتب عليهم قيام الليل، فقال: أيها الناس! اكلفوا من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل، وخير الأعمال ما ديم عليه، فنزل القرآن:{يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا}[المزمل:١ - ٢] إلى آخر الآيات، حتى كان الرجل يربط الحبل ويتعلق)، أي: كانوا من شدة قيامهم في الليل ومكابدتهم المشقة الشديدة امتثالاً للأمر الإلهي يربط الرجل الحبل ويتعلق به ويستند عليه أثناء صلاة القيام، حتى لا يقع على الأرض؛ من شدة ما كانوا يلقون من المشقة.
يقول:(حتى كان الرجل يربط الحبل ويتعلق، فمكثوا بذلك ثمانية أشهر فرأى الله سبحانه وتعالى ما يبتغون من رضوانه، فرحمهم فردهم إلى الفريضة وترك قيام الليل).
قال ابن كثير: والحديث في الصحيح بدون زيادة نزول هذه السورة، وهذا السياق قد يوهم أن نزول هذه السورة بالمدينة، وليس كذلك وإنما هي مكية.