يقول ابن كثير رحمه الله تعالى: وقد اختلف الفقهاء في جواز القيام للوارد إذا جاء على أقوال: فمنهم من رخص بذلك محتجاً بحديث: (قوموا إلى سيدكم).
ومنهم من منع ذلك محتجاً بحديث:(من أحب أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار).
ومنهم من فصل فقال: يجوز عند القدوم من سفر.
وهذا عليه دليل صحيح، وهو قول بعض الصحابة للنبي عليه الصلاة والسلام:(يا رسول الله! أرأيت إذا لقي أحدنا صاحبه أيلتزمه ويعانقه؟ قال: لا.
قال: أينحني له؟ قال: لا.
قال: يصافحه؟ قال: نعم)، فهذا هو الأدب.
وفي الأثر: أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا إذا تلاقوا صافح بعضهم بعضاً، وإذا قدموا من سفر تعانقوا، فالمعانقة تكون عند القدوم من السفر، أما عند الملاقاة العادية فالأصل هو المصافحة.
فموضوع المعانقة عند كل لقاء مخالف لأدب السلف ولهدي النبي عليه الصلاة والسلام في تأديبه أصحابه، فإذا كنا نحن ننكرها على النساء مع أنها من العادات المتأصلة في مجتمعات النساء؛ لكن الواقع أن المصافحة أدب لكل المسلمين رجالاً ونساء.
أما المعانقة والالتزام فيمكن عند القدوم من سفر، أو كما قال العلماء: إذا غاب عنه مدة طويلة واشتاق إلى أخيه، لكن أن تكون ديدناً وعادةً وشيئاً يستبدل عن الأدب الشرعي الذي هو مجرد المصافحة، فهذا مخالف لآداب السلف رحمهم الله تعالى.