((وَيَقُولُونَ لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ))، إن الله سبحانه وتعالى لم يرسل رسولاً ولا نبياً إلا وجعل له معجزة وأدلة على صدق النبوة، وأيده بالبراهين على صدقه، لكنهم يقصدون: لولا أنزل عليه آية من الآيات التي نقترحها نحن تعنتاً وعناداً، وكانوا لا يعتدون بما أنزل عليه من الآيات العظام المتكاثرة التي لم ينزل على أحد من الأنبياء مثلها، وكفى بالقرآن وحده آيةً باقيةً على وجه الدهر بديعةً غريبةً.
وقال:((فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ)) أي: أنه المختص بعلم الغيب المستأثر به لا علم لي ولا لأحد به، والله سبحانه وتعالى لا يستجيب لاقتراحاتهم في إنزال الآيات.
((فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ)) [يونس:٢٠] أي: فيما يقضيه الله تعالى في عاقبة تعنتكم، فإن العاقبة للمتقين، فانتظروا أنتم نزول عذاب الله بكم، وأنا أنتظر أن العاقبة للمتقين، وقد قال تعالى في آية أخرى {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ}[الإسراء:٥٩] هذا هو المانع من إنزال الآيات.
وقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ}[يونس:٩٦ - ٩٧] فلا تزيدهم الآية أي نفع.
فمثل هؤلاء أقل من أن يجابوا لمقترحهم لفرط عنادهم، ولا يخفى أن القرآن الكريم لما قام به الدليل القاهر على صدق نبوته صلى الله عليه وسلم لإعجازه، كان طلب آيات أخرى سواه مما لا حاجة له في إثبات صحة نبوته وتقرير رسالته، فمثلها يكون مفوضاً إلى مشيئة الله تعالى فترد إلى غيبه، وسواء أنزلت أم لا، فقد ثبتت نبوته ووضحت رسالته صلوات الله وسلامه عليه.