[تفسير قوله تعالى: (ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه)]
قال تعالى: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ} [هود:٥٢].
((ويا قوم استغفروا ربكم)) أي: من الوقوف مع الهوى بالشرك ((ثم توبوا إليه)) أي: من عبادة غيره بالتوجه إلى التوحيد.
((يرسل السماء عليكم مدراراً)) أي: كثير الدر، وقلنا: كثير الدر ولم نقل: كثيرة الدر مع أن السماء كلمة مؤنثة؛ لأن المقصود بالسماء المطر، فنظر إلى المعنى.
و ((مدراراً)) منصوب على الحال من السماء، أو أن المراد بالسماء السحاب فذكر على المعنى، أو أنه مفعال للمبالغة، يستوي فيه المذكر والمؤنث كصبور، أو أن الهاء حذفت من مفعال، أو مفعال على طريق النسق.
((وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ)) أي: قوة مضمومة إلى قوتكم، أو قوة مع قوتكم، وإنما استمالهم إلى الإيمان ورغبهم فيه بكثرة المطر وزيادة القوة؛ لأن القوم كانوا أصحاب زروع وبساتين، كانوا شديدي الحرص على كثرة النسل وكثرة الأموال وكثرة الأولاد، حتى يتقووا بذلك على إثراء أموالهم وترهيب أعدائهم، فقد كانوا مثلاً في القوة، كما قالوا: {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} [فصلت:١٥]، واغتروا بقوتهم.
قوله: ((ولا تتولوا)) أي: لا تعرضوا عما أدعوكم إليه ((مجرمين)) أي: مصرين على إجرامكم وآثامكم.
قد حصل في بعض الاكتشافات الحديثة عن طريق التصوير من الفضاء أن اكتشفوا آثار مدينة إرم ذات العماد، كما نشر في بعض الجرائد الأجنبية، ونشر أيضاً هنا في جريدة الأهرام يوم عشرة شهر أربعة عام اثنين وتسعين تسعمائة وألف.
قالوا: أعلن العلماء مؤخراً اكتشاف آثار عاصمة ملك عاد المعروفة باسم إرم، التي ورد ذكرها في القرآن الكريم منذ أكثر من أربعة عشر قرناً: {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} [الفجر:٧]، جاء ذلك عقب دراسات وأبحاث علمية قام بها علماء الفضاء والجيولوجيا والآثار والتاريخ، وأشارت إليها بعض الصحف العالمية ومن بينها مجلة التايم في فبراير الماضي ومجلة لوس أنجلوس تايم، وفي أحدث تقرير علمي عن هذا الاكتشاف تلقاه الدكتور زغلول راغب النجار أستاذ علوم الأرض يبين معالم هذا الاكتشاف يقولون فيه: إنه في عام أربعة وثمانين وتسعمائة وألف زود مكوك الفضاء (تشيلنجر) بأجهزة استشعار عن بعد، تستخدم موجات من الأشعة غير المرئية أمكنها تصوير العديد من مجاري الأنهار القديمة والطرق المدفونة بالرمال بدقة بالغة في مساحات شاسعة إلى آخره.
والتفصيل حول هذا التقرير قد نشر فيه بعض الصور، لكنها ليست واضحة لدرجة كافية، لكن على أي الأحوال نسأل الله سبحانه وتعالى أن يزيد العباد يقيناً؛ لأن هذه المدينة مدفونة تماماً تحت الرمال، حيث عاقبها الله سبحانه وتعالى بعاصفة رملية غطت بلادهم تماماً رغم أنهم كانوا يقولون: ((من أشد منا قوة)).
أما بالنسبة لمكان سفينة نوح فالتوراة تقول: إنها استقرت على جبل أرراك، أما القرآن فقد كان أكثر دقة حيث نص على أنها استقرت على جبل الجودي، وهو المكان الذي اكتشفت فيه بقاياها، والذي يبعد عشرين ميلاً عن جبل أرراك، الذي ذكر في التوراة، فهم يعترفون أن القرآن أكثر دقة من كتبهم.