[تفسير قوله تعالى:(فلبثت سنين في أهل مدين ثم جئت على قدر يا موسى)]
قال تعالى:{فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى}[طه:٤٠]، السنين التي لبثها في مدين هي المذكورة في قوله تعالى:{قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ}[القصص:٢٧]، يقول: قد قدمنا أنه أتم العقد، وبينا دليل ذلك من السنة، وبه تعرف أن الأجل في قوله:{فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ}[القصص:٢٩] عشر سنين لا ثمان.
وقال بعض أهل العلم: لبث موسى في مدين ثمان وعشرين سنة، عشر منها مهر ابنة صهره، وثمانية عشرة أقامها هو اختياراً، والله تعالى أعلم.
وأظهر الأقوال في قوله تعالى:{ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى}[طه:٤٠] أي: جئت على القدر الذي قدرته، وسبق في علمي أنك تجيء فيه، فلم تتأخر ولم تتقدم، كما قال تعالى:{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}[القمر:٤٩]، وقال:{وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ}[الرعد:٨]، وقال:{وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا}[الأحزاب:٣٨]، وقال جرير يمدح عمر بن عبد العزيز: نال الخلافة أو كانت له قدراً كما أتى موسى ربه على قدر