قوله تعالى:(فمن عفي)(من) مبتدأ شرطية أو موصولة، والخبر (فاتباع بالمعروف) يعني: فعلى العافي اتباع القاتل المعفو عنه بالمعروف، يعني: إذا قبل منه الدية فليطالبه بالدية بلا عنف، وترتيب الاتباع على العفو يفيد أن الواجب أحدهما، وهو أحد قولي الشافعي.
والقول الثاني: أن الواجب القصاص، والدية بدل عنه، فله ألا يقتص على أن يأخذ الدية، فلو عفا ولم يسمها فلا شيء له، ورجح.
وقوله:{وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} يعني: وعلى القاتل (أداء) أي: للدية، (إليه) أي: إلى العافي الذي هو الوارث، (بإحسان) يعني: بلا مطل ولا بخس، يعني: يؤدي الدية إلى العافي -وهو الوارث- بإحسان بدون أن يماطله ولا يضاره ولا ينقص من حقه.
{ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ} أي: ذلك الحكم المذكور من جواز القصاص والعفو عنه على الدية (تخفيف) أي: تسهيل (من ربكم) يعني: عليكم.
{وَرَحْمَةٌ} أي: بكم، حيث وسع في ذلك، ولم يحتم واحداً منهما، كما حتم على اليهود القصاص وعلى النصارى الدية.
{فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ} أي: ظلم القاتل بأن قتله، (بعد ذلك) أي: بعد العفو، فبعد أن يعفو لا يجوز أن يقتل القاتل، فإن هذا من الظلم، (فمن اعتدى) يعني: ظلم القاتل بأن قتله، (بعد ذلك) يعني: بعدما عفا، فلابد أن يلتزم بالعفو.
{فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي: مؤلم في الآخرة بالنار أو في الدنيا بالقتل.