[تفسير قوله تعالى: (كذبت قبلهم قوم نوح وإخوان لوط)]
يقول تبارك وتعالى: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ} [ق:١٢ - ١٣].
((كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ)) أي: قبل قريش.
((قَوْمُ نُوحٍ)) هذا استئناف وارد لتقرير ثبوت البعث؛ وبيان اتفاق كافة الرسل عليهم الصلاة والسلام عليه وتعزير منكره.
فقوله: ((كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ)) فيه إشارة إلى أن الإيمان بالبعث والنشور ركن من أركان الإيمان، وأن جميع الرسل قد دعوا إلى الإيمان به والتصديق به، وأن الكفار كذبوا جميع الرسل كما كذبوك يا محمد.
وما داموا قد كذبوا فإنهم يستحقون الوعيد لكفرهم.
((وَأَصْحَابُ الرَّسِّ)) الرس هو بئر كانوا عنده، فيقال: إنهم قوم شعيب عليه السلام، ويقال غير ذلك، وسبق بيان ذلك في سورة الفرقان.
قوله: ((وَثَمُودُ)) وهم الذين جادلوا صالحاً وقتلوا الناقة.
قوله تعالى: ((وَعَادٌ)) وهم الذين جادلوا هوداً في أصنامهم.
((وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ)) يلفت النظر في هذه الآية أن فرعون يذكر لوحده، في حين أن كل طوائف الكفر الأخرى تذكر باسم الأمة نفسها أو القبيلة أو القوم؛ لكن فرعون يذكر لوحده، وعندما ييذكر القرآن الكريم شعب فرعون يذكرهم ذيلاً له: {إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ} [الأعراف:١٠٣].
فهو الأساس؛ لتجبره وطغيانه.
وفرعون هو الذي جادل موسى فيما أرسل به.
قال الرازي: ولم يقل: قوم فرعون؛ لأن فرعون كان هو المغتر المستخف بقومه: {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر:٢٩]، ولتجبره نقم على السحرة حينما آمنوا وأسلموا، كيف أنهم يدخلون الإسلام دون أن يستأذنوه، وهو المغتر المستخف بقومه كما قال تعالى: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} [الزخرف:٥٤] فكان مستبداً بأمره مستخفاً بهم، فلذلك إذا ذكروا يذكرون تبعاً له.