للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات)]

قال تعالى: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الحديد:١٢ - ١٥].

المقصود بالنور هنا ما كان سبباً لنجاتهم؛ لأنه لو كان نوراً فهذا النور لم يختص بجهة اليمين والأمام دون الشمائل؛ لأن ضياء المؤمنين الذي يؤتونه في الآخرة يضيء لهم جميع ما حولهم، وفي تخصيص الخبر عن سعيه بين أيديهم وبأيمانهم، دون الشمائل ما يدل على أنه معني به غير الضياء وإن كانوا لا يخلون من الضياء؛ فتأويل الكلام إن كان الأمر على ما وصفنا: ((وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى)) ((يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ) يعني: يسعى ثواب إيمانهم وعملهم الصالح بين أيديهم، وفي أيمانهم كتب أعمالهم تتطاير، ويعني بقوله: ((يسعى)) يمضي بين أيديهم ((وبأيمانهم)) أي: في أيمانهم.

((بشراكم اليوم جنات)) أي: يقول لهم ذلك من يتلقاهم من الملائكة، بقرينة آيات أخرى توضح أن الملائكة تتلقى المؤمنين يوم القيامة وتبشرهم بالجنة، وهذا كثير جداً في القرآن، أعني تقدير القول، والمعنى: تقول لهم الملائكة الذين يتلقونهم: ((بشراكم)) -أي: المبشر به ((اليوم جنات) وقد قيل: إن البشارة تكون بالأعيان فلا حاجة لتقديم مضاف تصحيحاً للحمل.