دعا الله تعالى المنافقين إلى التوبة فقال عز وجل:((فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ)).
(فإن يتوبوا) أي: من الكفر والنفاق، وبعض المفسرين ذهب إلى أن المعنى: إن يأتوا طوعاً تائبين، والمقصود بهم أن هذا في حق الزنادقة، فالزنديق هو الذي يظهر الإيمان ويبطن الكفر.
(فإن يتوبوا) إن أتوا بعدما فعلوه تائبين بأنفسهم فتقبل توبتهم، أما إن ادعوا -الزنادقة- التوبة بعد القدرة عليهم فلا تقبل، وللعلماء خلاف في هذه المسألة، فمن ثم فسروا قوله تعالى:(فإن يتوبوا) يعني: إن يأتوا تائبين طوعاً لأنفسهم، بخلاف ما إذا تابوا بعدما قدر عليهم.
(فإن يتوبوا) من الكفر النفاق، (يك خيراً لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذاباً أليماً في الدنيا) يعني: بالقتل والهم والغم، وقيل: بالعذاب الذي يلقونه عند معاينة الملائكة والاحتضار، وقيل: عذاب القبر، (والآخرة) أي: بالنار وغيرها.
(وما لهم في الأرض من ولي) يشفع لهم في دفع العذاب، (ولا نصير) أي: معين فيدفعه عنهم بقوته، فلا يستطيع أن يشفع لهم، ولا هو نفسه يستطيع أن يدفع عنهم العذاب الذي يستحقونه.
وقيل: المراد بقوله تعالى: (فإن يتوبوا يكن خيراً لهم) استعطاف قلوبهم بعدما صدرت عنهم الجناية العظيمة، وليس الأمر على ظاهره، ولا يؤخذ من ظاهر هذه الآية أنهم تابوا بالفعل، وليس في ظاهرها إلا أنهم إن تابوا فازوا بالخير، لكن لا يستدل بالآية على أنهم تابوا بالفعل.