[الحكمة من تخصيص الجباه والجنوب والظهور لكانزي المال بالكي]
قوله:(يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم) ما الحكمة في تخصيص هذه الأعضاء الثلاثة بالكي دون غيرها؟ قيل: إن هؤلاء الذين جمعوا وكنزوا الذهب والفضة جمعوها كي ينالوا الوجاهة عند الناس بأنهم أغنياء، وكي يتنعموا بالمطاعم الشهية، وبالملابس البهية، فلوجاهتهم ورئاستهم المعروفة بوجوههم كان الكي بجباههم.
أما كي جنوبهم؛ فلأن الجنوب كانت تمتلئ من الطعام الذي يحصلونه بهذا المال، وبهذا كويت الجنوب.
أما كي ظهورهم؛ فلأنهم إذا سألهم فقير تبدو منهم آثار الكراهة والمنع، فتكلح وجوههم وتقطب وتعبس في وجه السائل، ثم إذا كرر الفقير الطلب أعرضوا عنه وتركوه جانباً، ثم إذا ألح ولوه ظهورهم واستقبلوا جهة أخرى، وهي النهاية في الردع والغاية في المنع الدال على كراهية الإعطاء والبذل، وهذا دأب مانع البر والإحسان وعادة البخلاء، فكان ذلك سبباً لكي هذه الأعضاء.
وقيل: لأن هذه الأعضاء أشرف الأعضاء الظاهرة، إذ هي المشتملة على الأعضاء الرئيسية التي هي الدماغ والقلب والكبد، أو لأنها أصول الجهات الأربع التي هي مقادم البدن ومآخره وجنباه، فيكون كناية عن جميع البدن.